الصفحات

الثلاثاء، 18 أبريل 2017

سيد أحمد ولد سيد الأمين : خشي الرحمن بالغيب فجاء بقلب منيب

بين النخلةالبكرة والهضبة؛ ولد الشاب سيد أحمد ولد سيد الأمين المكني "الدو" في عائلة كريمة توارثت المجد والسمعة الطيبة والعمل الصالح كابرا عن كابر.

كان الطفل المولود، وهو يخرج إلى الحياة، جميلا، حسن الخلقة مثل فلقة القمر، تتجلي فيه شيم أهل البر؛ ولا غرابة في ذلك ما دامت عائلته أسرة أهل سيد الأمين ولد بوبكر شجرة وارفة الظلال، قطوفها دانية، ثمرها تعبق به كل الغصون..
في هذا الجو العائلي المفعم بالمحبة والتسامح والهداية؛ خرج "الدو" مصباحا يتوهج فاستنارت له دروب الحياة، وانفتحت له أبواب النجاة؛ فلم يضل، ولم يزل.. كيف وقد كان من كان: طاهر القلب، حسن النية، مشبعا بالعلم، دمث الخلق، حسن المعاشرة، ترتسم على محياه ابتسامة عريضة ترافقه أينما حل أو ارتحل، لا وقت لديه للعبث والهذر، قمة في التواضع هيبة وعزة، لين الجانب، لا يعرف المراء ولا الهراء.
كأنه البحر يمطره السحاب، وماله من عليه لأنه من مائه
شاءت قدرة المولى سبحانه وتعالى أن تكون دراساته المعمقة في الصين حيث ضاقت الأرض بما رحبت بأكثر أهل الدنيا تناسلا وكثرة؛ وكان الكل في تلك البقعة من الجغرافيا يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا.. لكن فقيدنا قلب المعادلة؛ فبدأ بالعمل لأخراه كمن ينتظر الأجل اليوم لا غدا، لذا لم يبن في الدنيا بناء مؤمل؛ بل توجه إلى الإحسان والانفاق طبعا لا تكلفا، وجبلة لا تعلما؛ فكان جوادا باسطا كفه بالخير لو جربها أن تنقبض لامتنعت الأنامل.. تداول الثقاة صدقاته وشغفه بمجالسة العلماء، وغيرته على المقدسات والثوابت، وحرصه على مؤازرة الضعفاء والمحتاجين..
وتلك سيرة فريدة تناقلتها الألسن في الآفاق؛ حيث فاز صاحبها ونجا وحاز..
شيد بيوت الله وعمرها بالدرس والإيمان والتقوى، وافتتح المحاظر وأمدها بضروب الإحسان فأصدرت حفظة كتاب الله أشتاتا ليروا.
كان رحمه الله سخيا منفقا، يأسر القلوب بحسن صنيعه وكمال خلقه، وعظيم أدبه، وجميل معروفه، وكريم عطائه..
يأسوا جراح المنكوبين، ويكفكف عبرات المحزونين، ويسد حاجة المحتاجين.
ظل ينفق ماله بنفس راضية طائعة، بأريحية ونقاء وود وصفاء؛ شأن من يتطلع إلى كسب كثير، وربح وفير، وزيادة مضاعفة.
سل عنه في ملتقيات الطرق؛ حيث المتسولون وأصحاب الفاقة وهم من حرمتهم الليالي صفو العيش ومتعة الحياة. 
سل عنه المساجد حيث أهل العبادة والتقوى.
سل عنه أهل المحاظر حيث حفظة كتاب الله ترتيلا وتدبرا وتطبيقا وتحكيما.
سل عنه المعوزين وأصحاب الاحتياجات الخاصة ممن لهم أفاد، وصفى الوداد، وأعطي وزاد.
سل عنه ردهات المشافي وعنابر الحجز؛ يخبرك من بها أنهم هم أيتام موته الحقيقيون وهم الأولى بالتعزية فيه من جميع المفجوعين.
سل اليتامى والأرامل؛ فعندهم الخبر اليقين عن رجل لا كالرجال في عطفه وحنانه وقرب إحسانه.
سل الدعاة إلى الله ومعمري مساجده ومبلغي رسالته؛ لتعرف أن مصيبة الدين بفقده لم تكن دون مصاب الدنيا وأهلها بموته.
إن الجواب لا يكتمل إلا عند كل هؤلاء؛ وهو في النهاية واحد:
لقد كان فقيد العمل الخيري" الدو ولد سيد الأمين" برقا ينير الظلام، وموجا يغسل الأدران، وواحدا من خيرة عباد الرحمن؛ لم تلهه تجارة ولا بيع عن ذكر ربه المنان، كما لم ينسه الأهل والولد يوم يقوم أهل الأكفان، وتنشر الصحف ويوضع الميزان؛ ولا يكون من جزاء للإحسان إلا الإحسان..
فطوبى له حياته، وطوبى له مماته، وهنيئا له مآله ومقامه..
ولأن الله خلق الأمور بقدرته، وكونها بعزته، وجعل لكل أمر قدرا، ولكل قدر سببا، وليس لأحد عن قدر الله من مفر:
فمن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد
ضمت مساء السبت جنات الخلد (إن شاء الله) عابدا يزهو به رتل الكرام ويعظم، نبع محامده زهرها يتبسم، أخلاقه عطر وقلبه أسمى والجوارح أسلم
اللهم ارحم فقيد العمل الخيري "الدو ولد سيد الأمين"، واغفر له، واعف عنه، وأدخله فسيح جناتك، وارفعه من ضيق اللحود إلى جنــات الخلود، واجعل قبره أول منــازل الجنة، واجعله من خيرة من تظلهم بظلك يوم لا ظل إلا ظلك..
وأطلب من الجميع الدعاء له بالغفران والرحمة

اعل ولد البكاي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق