الصفحات

الثلاثاء، 11 يوليو 2017

عبـرة لأولـي الألبــــــاب!



سقـط ولد الطائع 2005/08 وهو على بعد أيام قليلة من زيارة النعمة، وقطعا كان سكان الحوض الشرقي ـ خاصة عاصمة الولاية والقرى المجاورة ـ سيستقبلونه جميعا تقريبا، كان الرجل في الثلث الأول من مأمورية جديدة، ولا يمنعه أي دستور من الترشح، فقط كانت هناك أزمات سياسية واقتصادية ومحاولات انقلابية.

الطريف، المخجل، البليغ، العبرة، أن الأغلبية الساحقة جدا ممن كانوا ينتظرون استقبال معاوية خرجوا في تأييد الانقلاب عليه بفارق لا يصل أسبوعا عن التهيئة لاستقباله، ثم انسحبوا جميعا من الحزب الجمهوري إلى المستقلين خلال فترة وجيزة، وقد دُفعتْ في الحوض الشرقي في الفترة الانتقالية الأولى أكثر من 200 لائحة بلدية ليس فيها للحزب الجمهوري إلا لائحة بلدية ريفية واحدة برعاية شخصية سياسية من الحوض الغربي، وذلك بعد أن كان جميع منتخبي الولاية من الحزب الجمهوري.
أول من سيتخلى عن عزيز هم من يدعمونه اليوم من الوزراء أو يدفعونه ليخالف يمينه الدستورية: " وأقسم بالله العلي العظيم ألا أتخذ أو أدعم بصورة مباشره أو غير مباشرة أية مبادرة من شأنها أن تودي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بمدة مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها الواردة في المادتين 26 و28 من هذا الدستور".
فمن يخالف صريح الدستور في المادة 99: "لا يجوز الشروع في أي إجراء يرمى إلى مراجعة الدستور، إذا كان يطعن في كيان الدولة أو ينال من حوزة أراضيها أو من الصبغة الجمهورية للمؤسسات أو من الطابع التعددي للديمقراطية الموريتانية أو من مبدإ التناوب الديمقراطي على السلطة والمبدإ الملازم له الذي يحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وذلك طبقا لما تنص عليه المادتان 26 و 28 المذكورتان سالفا". بسبب الحرص على منصب أو الطمع في نيله، لن يعوزه أن يجد مبررا لتأييد الانقلاب على عزيز، خاصة إن خرق الرجل الدستور، وذلك من أجل الحصول على نفس المكاسب من الحاكم القادم، فهؤلاء المتسلقون لا عهد لهم، وقاعدتهم في التعامل مع أي حاكم هي الأكل به ثم أكله، كما أن أي رئيس لا يحترم العقد الذي بينه وشعبه، يبني العلاقة بين الحاكم والمحكوم على مصالح متقلبة تقلب الغلبة وليس على أمور مبدئية ثابتة ترعاها كل الأطراف وتحترمها اختيارا لا إكراها.

لا يمكن لوم عوام الجماهير إن هي خرجت تلبية لأمر وزير الداخلية ووزير الخارجية ووزير الشؤون الاسلامية والوزير أمين عام الحكومة ووزير الإسكان الخ وربما أمر الرئيس نفسه، ما لم يحترم هؤلاء "النخبة" الدستور فكيف تحترمه جماهير أغلبها جاهز للذهاب مع أي غالب، وليس من الوارد لوم هؤلاء الوزراء بمن فيهم وزير العدل ـ العدل مع الأسف ـ ووزير الاعلام، وحتى المالية ـ ياله من جريء يجمع بين الضرائب والتمديد ـ على مبادرات تثبيت الوظيفة هذه، ولو على حساب الوطن واستقراره، والرئيس ومستقبله الشخصي، لا يمكن لوم كل هؤلاء قبل لوم الرئيس نفسه، فمن الصعب تصديق أن يتم كل ذلك دون دعم مباشر أو غير مباشر من الرئيس، وهنا تأتي مخالفة يمين القسم، وهي بوابة لمخالفة ما بعدها من المواد الجامدة المنصوص دستوريا على عدم قابليتها للتغيير في أي تعديل دستوري، وهذا ما يقفز عليه كثير من المتسلقين اليوم.
إذا لم يكن للعقد الذي بيننا أي قيمة فما الفرق بيننا وحكم الغاب؟ وإذا لم يكن لاستفتاء أجمع عليه كل الموريتانيين دون تخلف أي جهة قيمة فما هي القيمة المتوخاة من تعديل إجرامي كهذا سترفضه المعارضة على الأقل، وربما جزء من الموالين؟ وإذا لم نتفق على وسيلة سلمية دستورية، أو بالأحرى لم نحترم وسيلة سلمية دستورية للتناوب على السلطة قد اتفقنا عليها في رخاء، فما البديل عنها غير حمل السلاح والانقلابات والفوضى؟ وإذا لم نستطع ـ خاصة الأغلبية ـ الحصول على بديل نرشحه بآلية دستورية فهل تنقذنا مخالفة الدستور واختزال الوطن في شخص واحد؟ وإذا لم نستفد جميعا، وأولنا عزيز نفسه من دروس الماضي، بما فيها موج التملق هذا، والانقلابات، ومن واقع العالم اليوم، فهل ننتظر استفادة من واقع مر وأليم كحروب أهلية أو انقلابات دموية؟
يقول الشاعر سعدبوه ولد الشيخ سيدي محمد ولد حميلي:
حذار من تصفيقـنا أن يخدعَكْ / فمعه كنا وهنا نحن معــكْ
وخلفه سرنا كقطعان الدمـــــى / ولم نفكر لحظة أن نتبعـك
لا تأمن الكف التي قد صفــقت / فهي حرية غدا أن تصفعك

#لا_تلمس_دستوري #قاطعوا_الاستفتاء
محمد الأمين سيدي مولود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق