الصفحات

الخميس، 14 ديسمبر 2017

وزارة الداخلية ..وسياسة الفرز الفئوي المفضوح



إن أحد الأسباب التقليدية لإخفاق الموريتانيين  في انجاز الوحدة الوطنية حتى في حدها الأدنى ، رغم توفر مقوماتها وعناصرها ، هو الثقافة السائدة في هذا السياق،
وهي ثقافة أحادية البعد ، تقوم على منطق المعادلة الصفرية التي يجب  أن يكون أحد طرفيها رابح دائما والآخر خاسر، وبعبارة مبسطة هناك من  يستحق بالفطرة كل شيء ومن لا يستحق أي شئ  .ووزارة الداخلية الموريتانية تقدم لنا نحن المنتمين للطرف الثاني من هذه المعادلة الصفرية  الصارمة  أوضح الأمثلة
 وأكثرها وقاحة ، متى ما وضعتها تحت المحك ، إذ يكفيك أن تتقدم بطلب ترخيص حزب سياسي أو حتى منظمة من منظمات المجتمع المدني لتعرف من أنْتَ ولأي طرفيْ  المعادلة الفئوية  تنتمي!.
قبل سنتين من اليوم  تقدمت بطلب ترخيص حزب سياسي تحت مسمى (حزب موريتانيا الغد ) ورغم استفائه لكافة الشروط الوجيه وغير الوجيه ومن جملتها ضرورة أن يكون الحزب يشبه في تنوعه الأثني  سفينة نوح  عليه السلام ، إلا أن ذلك لم يشفع له لعلة واحدة هي أن رئيس الحزب  ينتمي للطرف الثاني من تلكم  المعادلة  المشؤومة والجائرة ، و إلا فما هي المعايير المنطقية  التي تتبعها  الوزارة في ترخيص الأحزاب السياسية ؟ ولماذا تحصل أحزاب على ترخيص في لمح البصر وأخرى  تُحرم من حق الترخيص رغم  تسلم أصحابها إيصالات يفيد  استفائها  كافة الشروط "الشكلية " ؟. هل تتذكرون السرعة التي رُخص بها  حزب الأخ والأستاذ  يعقوب ولد أمين (حزب التحالف الديمقراطي) ألم  يتقدم  للوزارة العتيدة بملف الترخيص يوم 2015-12-15  ليحصل على الترخيص يوم :2015-12-21  أي بعد خمسة أيام  فقط لا غير!.
وهل نستطيع أن نفهم ، خارج السياقات الفئوية ، المنطق الذي على أساسه  رُخص حزب الأخ / داوود ولد أحمد عائشة  المثير للجدل بخطابه الفئوي الصارخ ( حزب "نداء الوطن")  والقائمة تطول ؟.
ما هو المنطق المتبع في وزارة الداخلية الموريتانية  والذي على أساسه تُرخص الأحزاب السياسية  للمواطنين الموريتانيين أو تلقى في أدراج  النسيان  ؟
هذا السؤال الكبير والمحرج  وجهته  لمعالي وزير الداخلية الحالي ، بعد حصولي على شرف لقائه - بشق الأنفس - قبل أشهر من  الآن ، وكان جواب معاليه ، بعد أن بدا على وجهه شيء من التعاطف والتفهم ، مجرد النظر مليا إلى ساعة يده  ووعد – بارد - بإعادة النظر  مجددا في  إمكانية ترخيص حزب موريتانيا الغد  وهو ما  لم يحدث حتى هذه اللحظة . صحيح  أن  قرار ترخيص الأحزاب ليس في يد معالي وزير الداخلية  بمفرده ، لكن صحيح أيضا أن من واجبه الوطني والمهني  تقديم مقترح للوزير الأول ورئيس الجمهورية – إذا اقتضى الأمر - بضرورة  معاملة المواطنين كل المواطنين على قدم المساواة ولو في جزئية ترخيص الأحزاب أو رفضها ، لان ذلك  حق من حقوق المواطنة  ومن أبسط  القواعد الشكلية للممارسة الديمقراطية  وفوق ذلك هو ضرورة من ضرورات الحفاظ  على  الوحدة الوطنية  والسلم الأهلي​ .

أحمد ولد السالم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق