الأحد، 4 فبراير 2018

الاغتصاب.. ظاهرة بألف وجه!



تواجه ظاهرة الاغتصاب المشين في هذا المنعطف الحاسم من تاريخ الإنسانية حربا شعواء أخذت تطيح بالرؤوس تلو الرؤوس، و تهز العروش على إثر العروش، و تسقط الأقنعة الزائفة، و تُطلق للألسن المعقودة حرية النطق و الأفواه المكممة حرية الصراخ، و للكرامات المهدورة حق توجيه أصابع الاتهام و المواجهة بالأدلة و البراهين و الشواهد جميعَ المغتصبين، المتدثرين بدثار النفوذ و زائف التدين و المحتمين وراء حصون المال
 و قلاع النفوذ، و جرهم بالنواصي و الأقدام أمام المحاكم و كشفهم عبر أثير المحطات الإذاعية، و شاشات القنوات الأرضية و الفضائية، و نوافذ وسائط التواصل الاجتماعي، و على صفحات و في أعمدة الصحف لتتم إدانتهم فمحاكمتهم على جرائمهم البهيمية. و لكن العجيب أن هذه الحرب الضروس تبدو و كأنها بعيدة لا تعني أهل هذه البلاد من فرط "المثالية" المفتعلة و شدة البعد المصطنع كذلك عن "الخنى"، بينما الحقيقة المرة تبقى أن الظاهرة - التي لا تحمل، في كل البؤر التي تتم محاربتها فيها بضراوة، إلا صفة واحدة هي الاعتداء السافر على شرف "المرأة "- تلبس في هذه البلد أوجها متعددة:

·        شديدة التنكيل بالقيم،
·        عظيمة الفتك بروح العدل و المساواة،
·        مهلكة للحرث و النسل،
·        مدمية للأفئدة،
·        مثبطة للهمم،
·        قاتلة للآمال،
·        مفشية للظلم العشائري و الأسري و الشرائحي و الطبقي الإثني،
·        مقيدة عن فضائل العمل و رفع قواعد البناء بسواعد الجد و الهمم العالية المتحررة من قيود الإقطاعية و التراتبية و الكبر الجاهلي،
·        مؤخرة للبلد عن الركب الأممي في سيره الحثيث إلى العولمة الناضجة،

لهول فداحتها في "حِمى الصمت" الأشد الذي يلفها و المتاريس "السيباتية" التي تحميها. إنه الاغتصاب في حياضها لكرامة المستضعفين و لا صريخ لهم، و تبديد مال البلد العام باسم:

·        القوة للانتماء القبلي و العشائري و الأسري و الطبقي و اللوبياتي،
·        التعمد الجريئ على تبذير هذا لمال المغتصب بكل الحيل من دون أدنى تردد أو خوف من ناحية، و بتصدير الأحكام الشرعية التي تلوي أعناق النصوص في تجاوز جائر على مقاصدها الأصلية و دواعيها المعلنة، من ناحية أخرى.

و أما اغتصاب النساء، من القاصرات و البالغات من العوانس و الثيبات و المتزوجات و المغتربات "المسكوت عنهن" من الوافدين إلى البلد، فأمر بالغ الانتشار في صمت صارخ كأنه الجَرَب وراء الثوب بألف من الوجوه التي أكثرها شيوعا:

·        الإغراء بالمال الذي أصبح حبه عبادة،
·        و الاستدراج للتمكن،
·        و الاكتتاب للإيقاع،

·        و القهر عند الإرادة،
·        و "التسري" العشوائي في مغالطة فتاكة بالعقد الاجتماعي تؤتى باسم الدين ،

و لا "دِيك صارخ". فعِلة الغريزة الجنسية لا يكبتها و يلجم شيطانها إلا الدين الصحيح و الإخلاص له بالإيمان الراسخ و العفة و الطهر و الوطنية، و هي الصفات التي قلما تصمُد أمَام إتباع الشهوات و الجشع و حب الدنيا.. إذا كان عند المجتمع من بعض استعداد فطري لهذا الصمود و المشاركة في تلك الحرب التي إن قامت صادقة في البلد ضد هذه الظاهرة الفالتة بكل الاعتبارات التي تدمي أفئدة الأهالي و شبيهاتها من اللاتي يجلدن جسد البلد بأسواط الظلم و يثخن فؤاد الأمة بالجراحات الغائرة، لسقطت رؤوس بكل الأقنعة و انهارت أنفس لا تعرف التواضع و لا الشفقة و لا الإنصاف، و لتراءت في الأفق الرحب معالم فجر من الأمل الجديد في الإصلاح بالدين القيم.فمن يبدأها صادقا يحوز مرفوعا على قصب السبق. 

الولي سيدي الهيبه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق