الصفحات

الاثنين، 28 يناير 2019

الإجهاض الفكري والعقم الثقافي

سيئ هو، وإلى حد الضياع، وضع الثقافة في بلاد تكثر في أدبياتها العنترية الادعائية المفرطة بالعلم والنبوغ والألمعية وبز الشعوب والأمصار في كل مدارك العلوم وتشعبات الآدب ومجالات الثقافة. إنها وضعية يرثى لها حيث يلحظ، مجردا من الشك، هذا الواقع المهلهل الأستار من خلال غياب:

- بيان الخطابة،
- وجزالة الكتابة،
- والقدرة على التجديد في العلوم والمعارف إلا ما نَدر، ولا يقضى بالنوادر،
لحاجات المرحلة المحة من ناحية، وللمشاركة في حركة العلوم العالمية التي باتت، أكثر من أي وقت مضى، إنسانية بالمفهوم الشامل، من ناحية أخرى.
محاضرات وندوات قليلة العدد نظمتها ودعت إليها، في بحر الأسبوع المنصرم، جهات تتسمى بالمراكز الدراسية والبحثية والفكرية وما شابه من عظيم التسميات، وقد تزامن توقيت معظمها وكأنها في حلبة تنافس ضيقة، فأسرع الكثيرون طلبا للفائدة منها، وقد قسموا الوقت بينها كي يظفروا ببعص مردود من جميعها... أحرقوا طاقة كبيرة في التنقل بسرعة بين الفنادق التي احتضنتها، ولكنهم في نهاية المطاف صدموا ـ لحد الذهول الذهني ـ من هول خلو المواضيع المتناولة مما تحتاجه وتتوق إليه طبقة البلد المتعلمة ضمن مدار حياة التحصيل ة لباحث و العطاء والمشاركة في عمليتي التربية والنهوض المتعثرتين. كما أصيبوا بيأس كبير وإحباط شديد كذلك بسبب ضعف التناول وغياب المنهجية.
بلي إنه الانحطاط الثقافي والارتكاس الفكري لا تغطيهما المحاولات السقيمة، بل ويفضحهما:
- تدني المستويات اللافت،
- وقلة الجمهور كما وكيفا،
- ورداءة الربط والانعاش والتغطية الإعلامية،
- وغياب النقد والتقييم والتقويم،
- وثقافة المجاملة السلبية،
- وانعدام المخرجات.
وهي الحالة من الهشاشة الثقافية التي أدركتها حتى بعض الدول الشقيقة كـ:
- مصر،
- والمغرب
والصديقة كـ:
- فرنسا
من خلال تقارير ملحقات سفاراتها الثقافية في البلد، فجعلت منها فرس رهان لكسب معركة الديبلوماسية الثقافية.
وبالنتيجة فقد أقامت هذه السفارات مراكز ثقافية تستقطب قليلي المهتمين بالحقل وبدأت تنظم لهم مواسم ثقافية منتظمة يتم التعرض خلالها لعديد أوجه الثقافة والفكر والفن.
وهي أيضا المراكز التي تُحدث بحضورها الفرق في المنتج الثقافي، على الرغم من ضعفه هو كذلك، بسبب "انحسارية" التناول لعموم المادة على "المستوى الوطني" والضعيف عموما بخلوه الصارخ من:
- العلمية،
- والتنوع،
- والتحيين،
وبسبب اعتماده في الغالب الأعم - بتكرار مريع - على المادة العلمية "الميتة" التي أشبعت بحثا وتناولا وقد مضغ جلها العجول.
ثم إنه لا يخفى على أحد أن النتيجة المباشرة لهذا الضعف الثقافي المكشوف والانحسار الفكري المجلجل يتجلى في عديد المظاهر التي منها:
- غياب المخرج المنهجي التعليمي والبحثي العلمي المطبوع والموثق الكترونيا وصوتيا وبالصورة الناطقة،
- المكتبات والمعارض والمتاحف الوطنية،
- القوافل الثقافية والفنية الموسمية،
- المشاركة في المعارض الاقليمية والدولية بمخرجات مثيرة للاهتمام ومطلوبة المحتوى من لدن الشبكات العالمية للتبادل المعرفي.

الولي سيدي هيبه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق