استمعتُ إلى تصريح رسميّ في التلفاز لوزير الشؤون الإسلامية الموريتاني مساء أمسِ يبرّر به تعطيلَ الجمعة احترازا من انتشار الوباء.
وكان حرِيّا بالوزير تأصيلُ قرارهِ تعطيلَ الجمعة وغيرها بالعلم والمنطق، وأن يتناءى عن النفخ في نار الفتنة بتزكية "خَلفِيةِ الرئيس ووزيرِه الأول الاجتماعية والصوُّفِيّة".
ولقد عجبْتُ حتَّى أشفقْتُ من أسلوب الوزير غيرِ المبالي بخطورة إذكاء الصراع الطبقي الاجتماعي الحارقِ الماحق.
وزاد مِن عجبي أن كلًّا مِن الرئيس ووزيره الأول غنِيٌّ برصيدِهِ الإداري وسِيرَتِهِ الوظيفيّة ومِصداقيّتِهِ في هذه المرحلة عن تزكِيتهما بـما يَشْعُرُ بِه مَن لم يَشْرُفْ بالانتماء لسلالة "الزوايا" أنَّهُم غيرُ مؤتَـمَنِينَ على إقامة الدِّينِ، وعلى الوزير إلغاءُ فضل حملة القرآن والعلم مِن غير سلالات "الزوايا" في القرون الأولى ومنهم البخاري ومسلم ونافع وورش وتسعين من المائة من الأعلام عبر التاريخ.
كان حرِيًّا بوزارة الشؤون الإسلاميّة أن تخدُمَ رئيس الجمهورية ووزيرِه الأول بما "إثمُهُ أَكبر مِن نفعِه.
لقد تذكَّرْتُ بتصريح الوزير في القناة الرسمية أسلوب الوزارة سابقا حين قرّرتِ السلطة السياسية في 2012 طباعة مصحف شنقيطي ذِي مصداقيّة فأخرجتْهُ الوزارة حسبَ الأداء المتعارَفِ في المحاظر الشناقطة، وكنتُ آخِرَ مَن قام بمراجعته حسب طلب الوزارة فألْفَيْتُ فيه 15 خطأً في الأداء والرسم وأكثر من ذلك في الضبط ونبّهْتُ عليها الوزير في تقرير حرّرْتُه لهم فبادرتِ الوزارة بإلغائه وطباعة المصحف الموريتاني قبل تحرير طريقِه جامعا طرُقًا متعددة هَوَتْ بمصداقيّة بلَدٍ كان محلَّ احترام المتخصصين في العالم.
وكان حريًّا بوزارة الشؤون الإسلامية أن يحجِزَها الوَرَعُ عن طباعة مُصْحفٍ قاصر مليءٍ بالأخطاء الأدائية وفي الرسم والضبط.
وكان حريًّا بوزارة الشؤون الإسلاميّة أن لا تعيد طِباعة المصحف طبعة ثانية وبنفس الأخطاء والقصور.
وأُراهِن على حِرصِ وزارة الشؤون الإسلامية القائمة على إعادة طباعة المصحف الموريتاني بنفس القصور والأخطاء بعد حذفِ اسم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وتعويضِه باسم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
وهكذا في كل مرّة تسلم الجرّة وتجوع الحرّة وتأكل بثدْيَيْها.
ولقد رفعتْ وزارة الشؤون الإسلاميّة لواءَ تنْفِيرِ بعض العلمانيين الكارِهِينَ مِنْ سماحة الإسلام بِما حملْتِ مِن وِزْرِ تنفيرِهِمْ من دِينِ اللهِ، أو مِن النسْخة الإسلاميّة الممجوجة التي يقدِّمُها بعض المتصدِّرِين للعلم الشرعيّ.
ورفعتْ لواء تنفيرِ التكفيريين والتفجيريين مِن السِّلْمِ الاجتماعي فلفظُوا شرْعيَّة الأنظمة السياسيّة.
ولا عزاء للباحثين المُنصِفين إلا الترنُّمُ بقول الشاعر:
سَمِعْتُكَ تَبْنِـي مَسْجِدًا مِنْ خِيَانَةٍ ـ وَأَنْتَ بِـحَمْدِ اللهِ غَيْرُ مُوَفَّقِ
كَمُطْعِمَةِ الْأَيْتَامِ مِنْ كَدِّ فَرْجِهَا ـ لَكِ الْوَيْلُ لَا تَزْنِـي وَلَا تَتَصَدَّقِي
وكتبه في الثاني مِن رمضان 1441 هـ
الحسن ولد ماديك
باحث في تأصيل القراءات والتفسير وفقه المرحلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق