الصفحات

الأحد، 3 مايو 2020

دردشة مع سفير (تدوينة )

كتب رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات محمد فال ولد بلال :

في مثل هذا اليوم عام 2010، كنت في انتظار مقابلة وزير في دولة قطر. و وجدت أمامي في القاعة سفير إحدى الدول الآسيوية على موعد هو الآخر مع نفس الوزير. دفعني الفضول بمناسبة اليوم العالمي للصحافة أن أسأله عن حرية الصحافة عندهم بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي.. قال: لم نجد بُدًّا من إعطاء الحريات العامة بما فيها حرية التعبير؛ ولكن سرعان ما تبين لنا خطرها على الاستقرار، وقد بدأت تنتقد الحكومة و تتحدث عن الفساد والظلم والحقوق. فابتكرنا طريقة ذكية لتحصين عقول الناس دون أن نلغي القانون .. قلتُ: وما هي؟
قال: أصدرت الحكومة مراسيم تفرض غرامة مالية تتراوح ما بين 60 إلى 80 دولاراً على كل صحفي يستخدم كلمات "مبهمة" لا يعرف القراء العاديون معناها وغرامة أخرى أكبر تصل إلى 200 دولار على أية مؤسسة صحفية تسمح بذلك. وقرر الرئيس إنشاء لجنة «مصطلحات الدولة» مكلفة بتنفيذ العقوبات. وأوضح رئيس اللجنة أن هدف تلك الغرامات هو الحفاظ على قواعد "الكتابة الرسمية" و"أعراف اللغة" لأن هناك، صحفيين يستخدمون في بعض الأحيان كلمات صعبة لا يفهمها القراء أو المشاهدون أو المستمعون العاديون.. وكما تلعم، صديقي، فإنَّ الحكومة ملزمة بإنصاف القراء والمستمعين والمشاهدين.
قلتُ له: جميل جدا، ولكن اعطني أمثلة من الكلمات "المبهمة" أو "الصعبة" و"الخارجة عن الكتابة الرسمية" و"أعراف اللغة" التي لا يفهمها القراء؟ قال: كلمات مثل "الحرية"، "الحقوق"، "زيادة الأجور"، "الفساد"،،،
وسالني هو بدوره: لا بدَّ وأنّ لكم في موريتانيا "كتابة رسمية" و"أعراف لغوية" و"مصطلحات دولة"؛ اعطني مثالا .
وبما أن الدبلوماسية تقوم على المعاملة بالمثل، كان لا بُدّ لي أن أقول شيئا؛
قلت: نعم،، "طبقا للتعليمات النيّرة لفخامة رئيس الجمهورية" و "في إطار البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس" وتعليمات معالي الوزير الأول" و "لأول مرّة" و"غيرمسبوق" و"الإنجازات المشهودة"...هذه الكتابة الرسمية وأعراف اللغة عندنا، ونحافظ عليها بطريقتنا الخاصة: لا نعاقب من يخرج عنها، ولكننا نكافئ من يلتزم بها..
دخل وكيل المراسم ليرافق سعادة السفير إلى مكتب الوزير ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق