الخميس، 25 مارس 2021

رفقة المعلم ولد ابريد الليل: تنضج أفكار في الفروسية؛ ( ح 7)


"عندما يكون المواطنون متساوين في معرفة تاريخ المقاومة سيتساوون في الوعي بأهمية إحيائها؛ مهمة رجال اليوم الذين هم ورثتها والمستفيدون منها هي الحفاظ على هذا المشعل الذي يضيئنا عندما يكون كل شيء مظلما"

جسد المعلم محمد يحظيه ولد ابريد الليل عبر عقود الاستبداد والرخاء، ثم العداء، صوت وروح ضمير المقاومة، بشنقيط الإباء، في مواجهة متصوفي الولاء للمستعمر، بمشهد السياسة والإعلام والبحث و "وجاهة" الفرنك وعمامة الغياب وأوسمة ريق سيف زعاف. تبنى عقيدة المقاومة، في عهود التحريم والتجريم والشيطنة؛

تطورت مواقفه السياسية، وتغيرت الأنظمة، و الاحتفاء بالمقاومة الوطنية يكبر في قلبه ومواقفه، معارضته، وحتى موالاته.

يُسمع بحبور، الساسة والجامعيين وذوي الفضول من المتسللين إلى ميدان ترويض الكرامة، زغاريد الأم الكلومة لشهداء معركة تجكجة، احتفاء بقضاء ولديها تحت نيران المستعمر، ليرفعها إلى سماء الخلود ومجد المقاومة، وتقاسم حماس بطولتها مع الوطنيين  وأحرار العالم. ساهم بصدق ووفاء في كتابة تاريخ المقاومة، وربط عناصر كيمياء ملاحم بطولية رسمها حد السيف، وأخرى رواها الحبر عن فكر صمود طالت بركاته وجزيل إبداعه صحراء الرجال والإبل، وسهول المانكو وبيت إفريقيا الكبير؛

اعتبرت المقاومة على مدى عقود عدة من حياة الدولة، محظورة، واستهدف ببشاعة دعاتها، قبل أن تصبح موضع إجماع على مستوى النخبة. يستحضر رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الشاعر الراحل كابر هاشم في تصريحات صحفية نشرت الأسبوع الأخير من اول عقود القرن الحالي، يتذكر بمرارة : " كنت ضمن مجموعة من الأدباء محرومين من التغني بأمجاد المقاومة عبر وسائل الإعلام الرسمية وإذا حدث شيء من ذلك القبيل فكثيرا ما يتم إلغاؤه ومصادرته؛".

 يتمسك ولد ابريد الليل، بضرورة العبور إلى مرحلة من الجدية، تقر حق الشعب في معرفة مصدر اعتزازه الذي يجسده الاحتفاء بالمقاومة، ولا يمكن تصوره خارج تاريخها.

 أفنى عمره في التذكير بواجب الحسم لصالح مواقف جدية مع المقاومة، لتدارك نزيف التأريخ في جسد رواية أحداث حجبت عن أجيال عدة، واستلمتها مسارات التيه لتودعها ذاكرة النسيان؛ يستجدي الجميع بجدية بالغة الأهمية، لمحاولة تطابق الأفعال والأقوال بخصوص المقاومة، وأن تصدر المواقف عن قناعة.

تصدى بشجاعة، لضمر المقاومة قبل دفنها، بإحيائها وبعثها من جديد عبر بعض الخيارات المعنوية لتصالح الأجيال مع تاريخها بأسلوب جديد وجاد، إذ تفرض المقاومة نفسها، للاعتزاز بتاريخنا والتحكم في حاضرنا واستشراف مستقبلنا؛ حيث تخلو زحمة أيام " أعيادنا" الوافدة عبر ثغرات الذاكرة المستهدفة، من الاستحضار خجلا، انتصارات مقاومتنا الباسلة، التي تحتاج إنصاف إعلان يوم للمقاومة و تسخير بند من ميزانية الدولة لكتابة تاريخها في جميع المكونات والتعريف بأبطالها من أمراء وقادة وعلماء وشعراء وسيدات أسعفن النخوة؛ لتتنزل عظمة مقتل كبولاني، مناسبة لإعلان " اليوم الوطني للمقاومة"، حتى تطفح الكرامة على روح زمن الهدر، بكتابة التاريخ والخروج من دفاتر المستعمر، وتسطير فرمان الوفاء للتضحيات وحبور انتصارات اللغة و الحضارة، والأرض.

يصدمه كثيرا تواجد المحاربين  القدامى بالجيش الفرنسي في عاصمة لا تمتلك دارا للمقاومة الوطنية؛ دعا بالوفاء للمقاومة وتاريخها، معتبرا إعاقة المشككين تعود لعدم اطلاعهم على تاريخها.

حصرت ماكنة النفي مقاومة الاستعمار في حيز العنف المعنوي، وربطتها بسياق تاريخي و سياسي يقتصر على مواجهة المحتل النازي في البلدان الأوروبية الخاضعة للسيطرة الألمانية، ملغية شرعية مقاومة الاستعمار الأوروبي وبصفة خاصة الفرنسي في شمال وغرب إفريقيا، حيث أطلقت عليها تسميات ذات دلالات سلبية كوصف أبطالها بالجماعات " الانفصالية "، " المتمردة" و " الإرهابية".

باستثناء تنديد الرئيس ماكرون قبل انتخابه بـ "البربرية" و اعتبار الاستعمار "جريمة ضد الإنسانية"؛ لم تعتذر الجمهورية في فرنسا للشعوب التي احتلتها الامبراطورية الاستعمارية، ولم تعوض عن الأضرار الجسيمة التي ألحقتها بحضارات عريقة.

عبد الله يعقوب حرمة الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق