الاثنين، 20 مايو 2019

الرحلة التي لم تكتمل...

لم تكد الدنيا تبسم لصديقي فرقان حتى عاجله الموت في زحام شديد بين الحياة والموت على الظفر بالوجه الطيب البشوش ؛

لقد غادر فرقان آكيول الفتى التركي اليافع صاحب 26 ربيعا و المولود في العاصمة الاقتصادية التركية اسطنبول المتدثرة بعبق التاريخ وجمال العمران في مهمة عمل إلى نواكشوط منذ أكتوبر الماضي ؛ يعمل الراحل مصورا وهي المهنة التي عشقها واحترفها بكل تميز فقد أسهم مجيئه الى نواكشوط في إعطاء صورة ناصعة عن عمل مؤسسات وقف المعارف التركية في موريتانيا ؛ حيث عمل بجد على توثيق مختلف النشاطات التربوية والزيارات والأماسي والاحتفالات التي تقوم بها مؤسسات وقف المعارف في موريتانيا..

كنا أربعة المدير المساعد بالثانوية : توركوت شيمشيك وأستاذ اللغة التركية بالابتدائية : عوني كوتشي والراحل المصور فرقان آكيول والعبد الفقير الى ربه ؛ فريق مصغر من المؤسسة كلف من طرف المنسق العام عادل تانش بتنظيم وتنسيق حفل اختتام السنة الدراسة بالعاصمة الاقتصادية نواذيبو ..
كانت مؤسسات وقف المعارف بنواكشوط قد نظمت مساء السبت الماضي حفلا ختاميا للسنة الدراسية 2019 أشرف على الحفل السفير التركي بنواكشوط صاحب السعادة مهمت بليير بحضور صاحب السعادة ماجد محمد هديب السفير الفلسطيني بنواكشوط والسيد سيدي ولد أحويرية مدير التعليم الخاص وجمع غفير من الوكلاء والمدعوين وطواقم المعارف ..
وكان الرباعي السالف ذكرا هو المشرف على الحفل تنظيما وتصويرا وإنعاشا لقد أخذ منا التعب كل مأخذ بعد أمسية استمرت حتى الثالثة صباحا ؛ ورغم ذلك كنا في سباق مع الزمن لكي نصل إلى العاصمة الاقتصادية نواذيبو التي قرر حفلها يوم 20 الحادية عشرة ليلا ..

في حدود الساعة الرابعة فجرا من يوم أمس ال 19 مايو اتصل علي الصديق توركوت وقال لي تقرر أن ننام حتى الساعة العاشرة صباحا إذن استرح وسأتصل بك لاحقا حيث كان من المقرر أن نسافر بعد السحور مباشرة ؛ كنت متعبا أغلق الهواتف ونمت ؛ في حدود الثانية عشرة التقينا عند مباني الثانوية أنا والأصدقاء الثلاثة وباشرنا وضع الحقائب في سيارة توركوت Rav4 انطلقنا في حدود الثالثة ظهرا في الرحلة المفزعة باتجاه نواذيبو..
كنت والسيد توركوت نجلس في الخلف فيما كان الراحل فرقان يجلس في مقدمة السيارة والسيد عوني يسوقها ؛ لقد كان كل شيء في البداية عاديا وطبيعيا جدا ؛ رغم أنني كنت متوترا بعض الشيء لما لاحظته من تعب ونعاس نال منا جميعا بعد ليلة طويلة من العمل ..
مع ذلك سرعان ما تبددت شكوكي وازدادت ثقتي في سياقة صديقي عوني بعد تجاوزنا للكلمترين 120 و 165 حيث تترهل الطريق عندهما وتكاد تتلاشى ؛ كنا نتبادل النكات وعندما نتوقف لإحدى نقاط الدرك يتسابق الأصدقاء في الحديث الى عناصر الأمن بالحسانية من قبيل : "ماشالاه و اشطاري وا ياك لباس"
في حدود الساعة السادسة خرجنا من الشامي وأذكر أن توركت سألني عن أقرب قرية لنصلي بها العصر لكن إطار السيارة الخلفي الأيسر فاجأنا بعد تجاوزنا لمنعرج تازيازت بكلمترين ..

ليس بين الحياة والموت إلا حاجز _عندما يزاح_ضئيل
هنا كانت اللحظة المفزعة التي حولت في لمح البصر نكاتا وفرحا باديا على الوجوه الى بكاء وعويل ؛ كانت سرعة السيارة تقارب ال 110لحظة انفجار الإطار ورغم محاولات العزيز عوني السيطرة عليها خرجت عن السيطرة وانقلبت ثلاث مرات واستقرت على جانبها الأيمن ؛ خرج توركوت هو الأول ثم نادى علي الشيخ أنت بخير رددت عليه بخير ثم خرجت بعده ؛ كان عوني عالقا بفعل حزام الأمان بدأ توركوت يساعده على الخروج بينما انشغلت بالاتصال على المنسق العام : عادل تانش والمدير باب أحمد ولد عابدين والمدير بنواذيبو وهبي اسويدنير .
ورغم أن صديقنا فرقان فارق الحياة بعد الحادث بدقائق مباشرة بفعل نزيف حاد ؛ الا ان السلطات في الشامي وبعد تلقيها النبأ سارعت إلينا و أوفد حاكم الشامي إلينا الطبيب الرئيس بالشامي وسيارة إسعاف وأربعة من المسعفين؛ حيث نقلونا الى المركز الصحي بالشامي و تلقى فيه عوني إسعافات أولية ؛ وقد سهلت فرقة الدرك إجراءاتنا مشكورة وألحقت بنا أمتعنا عند المركز الصحي بالشامي.
كل الشكر والامتنان لأسرة المعارف عامة طواقما وإدارة ووكلاء على اتصالاتهم واطمئنانهم واستقبالهم لنا البارحة عند مصحة ابن سينا ..
رحم الله الصديق فرقان آكيول و الشفاء العاجل لعوني كوتش
والحمد لله على سلامتي وتوركوت شيمشيك.

الشيخ سيدي أحمد زاروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق