الأربعاء، 15 يونيو 2022

نداء من رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية




ما من مسيرة أمة إلّا وتتخللها، أحيانًا، لحظات حساسة، تتطلب من الطبقة السياسية، والنخبة ككل، الابتعاد عن أي رؤية ضيقة، ترتبط بالمصالح الآنية وتقتصر على الروتين اليومي في إدارة الشؤون الجارية.


إنها اللحظات التي تتطلب التصدّي للمخاطر المحدقة بالبلد.


وتواجه بلادنا، بالفعل اليوم، تحديات كبيرة، ترتبط بمحيطها الجغرافي المباشر، كما تتعلق بقضاياها الداخلية وما تحتاجه من حلول توافقية، هي صمام الأمان والضامن الوحيد للاستقرار والتماسك الاجتماعي، وسيرورة العمل الديمقراطي السلمي.


إن موريتانيا اليوم، في واقع الأمر، توجد في قلب منطقة جغرافية وقعت بعض دولها، للأسف، منذ عدة سنوات، في منزلق فوضى الحركات الإرهابية والاضطرابات السياسية، وشبكات الجريمة العابرة للقارات، مما أدّى إلى فقدان هذه الدول للسيطرة الحقيقية على أجزاء من أراضيها؛ ويزداد هذا الوضع سوءًا، يومًا بعد يوم، بسبب الجفاف المزمن، وكذلك الأزمة الاقتصادية العالمية وما ينجم عنها من تفاقم للفقر.


إن الأوضاع المحيطة بنا تُحتم علينا، في أسرع وقت ممكن، بناء وتحصين جبهة داخلية قوية، تُمكن مواطنينا، خاصة الفئات الأكثر هشاشة والشباب على وجه الخصوص، من استشعار هذه الأوضاع الخطيرة ومقاومة ما تمثله من مُغرِيات مدمرة للجميع.


والحقيقة، التي لا مراء فيها، أنه لا يمكن بناء هذه الجبهة الوطنية الداخلية، ذات الأهمية القصوى، إلا إذا تمّت مناقشة التحديات الداخلية، على نطاق واسع، من أجل التصدّي لها وإيجاد حلول توافقية للقضايا الجوهرية المرتبطة بها، ويتعلّق الأمر بالوحدة الوطنية، والمنظومة التربوية، والعدالة والعدالة الاجتماعية، وكذا العديد من القضايا الأخرى، التي كانت مدرجة في مشروع الحوار، الذي تم تعليقه حديثا.


وقد فاجأ هذا التعليق الرأي العام قاطبة، لما يُمثله من تهديد حقيقي بوأد الأمل في غد أفضل، بعد ما لاحت بُروقه واستبشر به الرأي العام الوطني خيرا.


وفي هذا السياق، يجب التذكير أن بلدنا يستعد لاستغلال موارد هامة من الغاز الطبيعي، ينتظر الجميع منافعها وانعكاساتها الإيجابية على حياة المواطن، إلّا أنه، مع ذلك، يمكن أن تتسبّب هذه الفرصة الاقتصادية والاجتماعية الثمينة في مضاعفة مشاكل البلد، لا قدر الله، إذا ما تمّ استغلالها في جو لا يطبعه الاستقرار والانسجام.


ونظرا لكل هذه الأسباب، فإني أوجه نداء عاجلا إلى الحكومة، التي تتحمل المسؤولية الأساسية في تسيير البلد، وإلى جميع الأطراف السياسية للمضي قدما في تنظيم حوار وطني شامل وبنّاء، قادر على تمكين البلاد من تجاوز القضايا التي تعيق وحدتها واستقرارها، ومسيرتها الديمقراطية وتنميتها.

نواكشوط، 15 ذي القعدة 1443 الموافق 15 يونيو 2022

أحمد ولد داداه،

رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق