الأحد، 22 يناير 2023

تناقض مريب بقلم حسنه حدوني

 


منذ خطاب النعمة التاريخى 1986م والقبيلة تشكل مادة دسمة فى بعض خطابات الرؤساء الذين تعاقبوا على الحكم من ذلك التاريخ ولم ينج من ذلك إلا من لم يعمر طويلا فى الحكم وفى ظاهر الأمر أن تلك الخطابات تدعو إلى نبذ القبلية والتشبث بالوحدة التى هى الأساس الأول الذى ترتكز عليه الدولة بمفهوم الوطن الذى يجب أن يتساوى فيه الكل سواء كان ذلك فى نيل الحقوق أو فى تأدية الواجب بما فى ذلك سريان تطبيق القانون الذى يضمن المساواة ويكفل العدل والإنصاف بين الناس 

لكن سرعان ما ظهر عكس ما كان مرجوا ومؤملا وتبين بكل وضوح استخدام القبيلة لتتجذر من جديد وتتشكل فى ثوب آخر ألا وهو القبلية التى تم تشجيعها ورعايتها وحمايتها من طرف جل الأنظمة المتعاقبة ولم يدخروا جهدا من أجل الترويج لها مما أذكى بين الناس كثير الفتن وأحيا بينهم النزاعات التى تظهر تارة بين القبيلتين وأخرى بين الفخذين من نفس القبيلة وحتى بين الأسرتين وتزداد تلك الخلافات ليزداد الشرخ بين المتخالفين مما قد ينتج عنه زهق الأرواح ونهب الممتلكات وبسبب ذلك يتشرد الكثيرون ويفتقر البعض ويهاجر من لم يجد دون الهجرة بدا ويعانى من صبر على الظلم رغم مافيه من ألم ومضاضة مؤملا أن يتغير حاله وتزول معاناته لكن حال البلد لم يتغير مما أكسب الوضعية التى يعيشها سكانه مناعة يستعصى القضاء عليها مالم تتغير عقلية الحكام والمحكومين فحكامنا عفا الله عنهم دأبوا على بث الفرقة بما يجسدونه على أرض الواقع من خطابات مصروفه عن ظاهرته و ديموقراطية ظلت معتلة لأنها على مقاس ثلة تتناوب على الحكم لا تعطيه سلما إلا لتسترجعه بالقوة وفى هذه الوضعية شابت مفارق تطلعات وآمال لم يتحقق منها أي شىء 

ولو تم القياس على أكثر دول العالم تخلفا وأقلها مصادرا لوجدنا بها بنى تحتية تمثل لنا ترفا رغم أن بلادنا حباها الله بالكثير من المصادر المتمثلة فى الثروة البحرية والمعادن والثروة الحيوانية والأراضى الصالحة للزراعة مع أن تعداد السكان فينا لما يتجاوز عتبة المليون الرابع وعمر دولتنا ينيف على الستين من الأعوام ولو قورن ماتحقق فى بداية التأسيس مع مابعده لرجحت كفة الأول ذلك نلمسه فى نزاهة الجيل الأول ونظافة يده من المال العام ومستوى علمه وتضحياته الجسام من أجل تكون موريتانيا دولة مستقلة وموحدة وفعلا نجح ذلك الرعيل فى عملية التأسيس لكن انقلاب 78 قضى على ذلك الحلم ومنذ ذلك التاريخ والبلد يشكو إلى الله حاله وتتطلع ساكنته إلى التغيير الذى طالما أخذه بعض المترشحين ليرفعه مؤقتا وما إن يصل إلى سدة الحكم حتى يدير له الظهر ويعمل بما كان عليه سلفه وهكذا لا يزال هذا الشعب المسكين ينخدع بتلك الشعارات و كلما أتيحت له فرصة للتغيير ضيعها بنفسه لسوء اختياره 

فالفاسدون فى هذا البلد هم من يتصدر الشأن هم من يبددون المال العام فى الحملات الانتخابية هم من يعدون ويتوعدون هم من تقام لهم الحفلات وتذبح لهم الجزور وتصدح الحناجر بشكرهم وتسير الركبان بذكرهم أما غيرهم فإن أصر و سعى جاهدا وفرض نفسه ليشارك فستراه وحيدا معزولا محشورا فى زاوية من وقف معه كأنما ارتكب ذنبا وذلك حال معارضتنا فى العقود الخوالى ولكنه يظل من المشروع لنا أن نندب ذلك الحظ ونسعى من أجله وأن لا نفوت فرصة الانتخابات البرلمانية والبلدية والجهاتية المقبلة والتى تقررت مابين ابريل ومايو 2023م و أن لا ننخدع بزيف الشعارات ولا ببريق المادة ولا بأفواج السيارات والأبواق المحمولة على الدعامات الطويلة والخيام المنصوبة فى الساحات فهيهات هيهات فقد انخدعنا كثيرا بتلك المظاهر وآن لنا نراجع أنفسنا ونحكم الضمائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق