كتب رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات محمد فال ولد بلال :
ما أقفُ عليه هنا وهناك من انتقادات لنا كوزراء سابقين، يعود بي إلى مقتطف من مقال نشرته لما كنت سفيرا في قطر 2010، توضيحا لبعض الأمور ..
هناك نوع من الانتقادات شائع بين الناس، من قبيل: لماذا لم تقل هذا من قبل؟ أين كنت؟ أنسيت؟ ألم تكن في نظام فاسد؟ ألم تقل كذا وكذا؟ إلخ.. إني أتفهم هذا الكلام كونه يصدر عن معارضين أجلاء أو شباب وشابات طيبين، لهم شهادات ومؤهلات وحقوق ولكنهم ظُلموا وحُرموا وهُمِّشوا على أيد أنظمة،،، ما جعلهم يواجهون حالتهم برفض وشحب وإلغاء كل شخص له صلة بتلك الأنظمة.. هذا أفهمه وأحترمه، ولكنه في نظري أقرب إلى العاطفة منه إلى العقل، و إلى الانفعال منه إلى الفعل..
دعونا نترك العاطفة جانبا ونرفع مستوى النقاش لنرى أننا أمام إشكالية معقّدة، هي إشكالية العلاقة بين الوزير والنظام.. والعلاقة بين الجزء والكل، وبين الخاص والعام، أي بين خصوصيّة الوزير وعموميّة النظام.
إن لكل نظام سياسي مساره العام بقوّته وضعفه ونجاحاته وإخفاقاته، وأفراحه وأحزانه، وأخلاقياته...يشرّفه أو لا يشرّفه. وصحيح أن الوزراء يحسبون على النظام ولهم ما لهم من حسناته وعليهم ما عليهم من أوزاره وسّيئاته ... إلاّ أن لكّل وزير مساره الخاص داخل النظام. قد يشفع له وقد لا يشفع له أمام التاريخ. ويتمثل ذلك في أدائه الشخصي وسلوكه وإخلاصه وأمانته وكفاءته ومهارته ونظافة يديه بغض النظر عن الأداء العام للنظام. ولا يجوز في اعتقادي الحكم على الوزير إلاّ من خلال مساره الخاص، لأن النظام لا يحسب على وزير بذاته. النظام مرتبط بمنظومة قوانين ونصوص ومؤسسات وهيئات وسيّاسات تتحكّم في المجتمع وأفراده وموارده كافة استنادًا إلى سلطة مخوّلة بما يكفي للدّلالة على قوّته وهشاشة الفرد.
ولذا قلت إن الوزير يحسب على النظام ولكن النظام لا يحسب على الوزير. بالضبط مثل فريق كرة القدم : لكلّ لاعب قيمته ومستواه من الخبرة واللياقة والأداء، وللفريق مستواه العام. فمثلا- محمد صلاح - يحسب بالتأكيد على فريق مصر، مع أن مستواه الشخصي يفوق بكثير المستوى العام للفريق؛ ولكن الفريق المصري لا يحسب على "صلاح". قد يخوض صلاح مباراة من ذهب، ولكن الفريق يُهزم. و" رونالدو" يحسب على فريق البرتغال، مع أن مستواه الشخصي يفوق بكثير المستوى العام للفريق...فهناك رئيس الفريق وإدارته ومدربون ولاعبون وبرامج تأهيل وخطط وسياسيات وإمكانات تشكل بمجموعها "نظام الفريق". والفرق واضح بين اللاعب والفريق. وكذلك في الأنظمة السياسية، الفرق واضح بين الوزير والنظام.. لا يُحسب فساد النظام على وزير بذاته إلاّ في حال ثبوته عليه بالأدلّة والبراهين.
لا داعي لمحاججة وزير سابق بأسئلة من نوع: أين كنت؟ بل اسأله هل أفقهت؟ هل "أسلمت"؟.. لأن المعتقدات والإيمانيات كلها تتغير.. إنك بسؤالك للوزير السابق: أين كنت؟ كمن يسأل عبد_الرحمن_بن_عوف عن تجارته في الجاهلية؟ أو كمن يسأل خالد_بن_الوليد أين كان يوم أحد؟ أو كمن يسأل حسان_بن_ثابت عن قصائده لملوك آل غسان.. "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام، إذا فقهوا". اسالوا الوزير السابق عن "الفقاهة" والكفاءة والخبرة واستعداده للانخراط في عملية الإصلاح، وماذا يضيف؛ وليكن الرفض والشجب والإدانة على أساس جرائم مثبّتة ارتكبها الإنسان أو خيانة مؤكّدة أو قصور في الأداء..
ويحضرني هنا ما قاله الإمام الشافعي، رحمه الله من أنّ رأيه صوابٌ يحتمل الخطأ، ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب..
تقبل الله منا و منكم الصيام والقيام وضاعف لنا ولكم الأجر.
الواعر ألاّ الهدوء في النقاش..ههه
ما أقفُ عليه هنا وهناك من انتقادات لنا كوزراء سابقين، يعود بي إلى مقتطف من مقال نشرته لما كنت سفيرا في قطر 2010، توضيحا لبعض الأمور ..
هناك نوع من الانتقادات شائع بين الناس، من قبيل: لماذا لم تقل هذا من قبل؟ أين كنت؟ أنسيت؟ ألم تكن في نظام فاسد؟ ألم تقل كذا وكذا؟ إلخ.. إني أتفهم هذا الكلام كونه يصدر عن معارضين أجلاء أو شباب وشابات طيبين، لهم شهادات ومؤهلات وحقوق ولكنهم ظُلموا وحُرموا وهُمِّشوا على أيد أنظمة،،، ما جعلهم يواجهون حالتهم برفض وشحب وإلغاء كل شخص له صلة بتلك الأنظمة.. هذا أفهمه وأحترمه، ولكنه في نظري أقرب إلى العاطفة منه إلى العقل، و إلى الانفعال منه إلى الفعل..
دعونا نترك العاطفة جانبا ونرفع مستوى النقاش لنرى أننا أمام إشكالية معقّدة، هي إشكالية العلاقة بين الوزير والنظام.. والعلاقة بين الجزء والكل، وبين الخاص والعام، أي بين خصوصيّة الوزير وعموميّة النظام.
إن لكل نظام سياسي مساره العام بقوّته وضعفه ونجاحاته وإخفاقاته، وأفراحه وأحزانه، وأخلاقياته...يشرّفه أو لا يشرّفه. وصحيح أن الوزراء يحسبون على النظام ولهم ما لهم من حسناته وعليهم ما عليهم من أوزاره وسّيئاته ... إلاّ أن لكّل وزير مساره الخاص داخل النظام. قد يشفع له وقد لا يشفع له أمام التاريخ. ويتمثل ذلك في أدائه الشخصي وسلوكه وإخلاصه وأمانته وكفاءته ومهارته ونظافة يديه بغض النظر عن الأداء العام للنظام. ولا يجوز في اعتقادي الحكم على الوزير إلاّ من خلال مساره الخاص، لأن النظام لا يحسب على وزير بذاته. النظام مرتبط بمنظومة قوانين ونصوص ومؤسسات وهيئات وسيّاسات تتحكّم في المجتمع وأفراده وموارده كافة استنادًا إلى سلطة مخوّلة بما يكفي للدّلالة على قوّته وهشاشة الفرد.
ولذا قلت إن الوزير يحسب على النظام ولكن النظام لا يحسب على الوزير. بالضبط مثل فريق كرة القدم : لكلّ لاعب قيمته ومستواه من الخبرة واللياقة والأداء، وللفريق مستواه العام. فمثلا- محمد صلاح - يحسب بالتأكيد على فريق مصر، مع أن مستواه الشخصي يفوق بكثير المستوى العام للفريق؛ ولكن الفريق المصري لا يحسب على "صلاح". قد يخوض صلاح مباراة من ذهب، ولكن الفريق يُهزم. و" رونالدو" يحسب على فريق البرتغال، مع أن مستواه الشخصي يفوق بكثير المستوى العام للفريق...فهناك رئيس الفريق وإدارته ومدربون ولاعبون وبرامج تأهيل وخطط وسياسيات وإمكانات تشكل بمجموعها "نظام الفريق". والفرق واضح بين اللاعب والفريق. وكذلك في الأنظمة السياسية، الفرق واضح بين الوزير والنظام.. لا يُحسب فساد النظام على وزير بذاته إلاّ في حال ثبوته عليه بالأدلّة والبراهين.
لا داعي لمحاججة وزير سابق بأسئلة من نوع: أين كنت؟ بل اسأله هل أفقهت؟ هل "أسلمت"؟.. لأن المعتقدات والإيمانيات كلها تتغير.. إنك بسؤالك للوزير السابق: أين كنت؟ كمن يسأل عبد_الرحمن_بن_عوف عن تجارته في الجاهلية؟ أو كمن يسأل خالد_بن_الوليد أين كان يوم أحد؟ أو كمن يسأل حسان_بن_ثابت عن قصائده لملوك آل غسان.. "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام، إذا فقهوا". اسالوا الوزير السابق عن "الفقاهة" والكفاءة والخبرة واستعداده للانخراط في عملية الإصلاح، وماذا يضيف؛ وليكن الرفض والشجب والإدانة على أساس جرائم مثبّتة ارتكبها الإنسان أو خيانة مؤكّدة أو قصور في الأداء..
ويحضرني هنا ما قاله الإمام الشافعي، رحمه الله من أنّ رأيه صوابٌ يحتمل الخطأ، ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب..
تقبل الله منا و منكم الصيام والقيام وضاعف لنا ولكم الأجر.
الواعر ألاّ الهدوء في النقاش..ههه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق