فيمكنني القول إن المواقف التي صدرت بعد قرار زيادة أسعار الوقود في البلد كانت سطحية..، وهي ظاهرة باتت للأسف تطبع عالم السياسة و"التثاقف" في هذا البلد في السنوات الأخيرة، بعد تصدي رواد شبكات التواصل الاجتماعي لتوجيه الرأي العام، بل الجهاز التنفيذي..، وإجلاس مشاهيرها، في الواجهة الإعلامية لمحاورة أعضاء الحكومة وقادة المشهد السياسي..، لذلك من الطبيعي جدا أن ينهار التفكير البناء، والطرح العلمي السليم، في اللحظات التي تتطلب مواقف ناضجة، ولكي أكون منصفا لرواد هذه الشبكات، يمكن القول إن الأمر عائد إلى مد شعبوي عالمي، سعت الدول التي تمتلك مراكز للدراسات، وقادة للرأي، إلى ضبطه وتوجيهه..، لكنه في بلادنا تزامن مع تحكم بعض هواة السياسة في مفاصل المنظومة التنفيذية، وهو ما جعل البلد يسقط بين فكي الشعبوية القاتلة..، وأكثر ما يخيفني في القرار هو الطريقة التي تم اتخاذه بها، لأنها، تعبر عن الاستمرار في ذات النهج الذي يعطيك انطباعا بالاستسلام أمام الأمر الواقع، خوفا من الانهيار المدوي، وما يزيد الطين بلة كما يقال هو سطحية بعض الوزراء الذين يتحدثون كخبراء، وكأن مهمتهم تقتصر على تحليل المعطيات الاقتصادية، وتشخيص طرق، وأدوات تنفيذ المشاريع الوطنية، "المتعطلة"، بشكل علني، يعطي المواطن العادي معطيات دقيقة عن حتمية الانهيار القادم لا محالة، في ظل اكتفاء المكلفين بإيجاد الحلول، بتشخيص الواقع المر بشكل علني، وهو ما يجعل الموطن البسيط يكتشف حجم العجز..، ويشعرك ببحث هؤلاء عن تسجيل مواقف سياسية للتاريخ!!
إن قرار رفع الدعم عن أسعار المحروقات يعبر عن اتخاذ موقف ضروري حتمي للمحافظ على بقاء كيان الدولة، وقد يشكل منعرجا حقيقيا نحو التأسيس للمرحلة القادمة إن كان بالفعل اتخذ عن دراية، ودراسة، موضوعية، ترتب الأولويات حسب الحاجيات التي يتطلبها واقع البلد، ومما لا شك فيه أن الخطوات اللاحقة ستكشف الحقيقة وبشكل عاجل.
إن المتفرج على صفحات قادة المشهد السياسي والإعلامي في البلد يجد مواقف سطحية حد البكاء، توجهها مصالح آنية ذات طابع سياسي، أو شخصي، لا تشعر المتلقي بانتمائها لفعل النقد العلمي الخارج عن السياقات الشعبوية الذاتية.
إنني أنظر إلى حديث أي مهتم بالشأن العام في هذا البلد بعين الباحث عن مدى تحمله للمسؤولية اتجاه واقع البلد.
إن من يجهل حقيقة وواقع موريتانيا يمكنه أن ينام بكل سهولة في بيته، أو تحت عريشه، دون أن يشغل نفسه، بممارسة الفعل السياسي، أو تعاطي "هلوسات التثاقف" المدمرة للبلدان.
أسعد الله جميع أوقاتكم أحبتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق