تتفرد هذه البلاد بثقافة النازلة ذات الطابع الإشكالي، ولعل آخر مثال لتلك الظاهرة هو نازلة صوم يوم عرفة، فهل يوم عرفة هو يوم الوقوف بأرض عرفة في البلاد المقدسة، أم هو اليوم التاسع من ذي الحجة بعد وزمان أهل المصر ولو كان مختلفا مع يومه بمكة
ففي معظم أقطار العالم الإسلامي لا توجد مشكلة في صيام يوم عرفة والذي يطابق عندهم " الوقوف بأرض عرفة " ، أما عندنا فالأمر ليس بكل ذلك الوضوح وينقسم رجال العلم انقساما حادا حول الموضوع
غير أن إشكال يوم عرفة باعتبار المكان أو الزمان ليس هو كل ما لدينا من إشكال ..
هناك أيضا مشكلة رؤية الهلال ذاته وفك الارتباط فيه لدى البعض عما يصدر عن اهل الحل والعقد وعلى ذكر التشابك ما بين عقلنا النوازلي وظاهرة الدولة تتفجر عشرات الإشكاليات فمن إشكال التأمين - المخالف لمفهوم الدية والاروش وضمان العاقلة - والذي يرونه مخالفا لصحيح الحكم في قضايا الضمان والديات حيث يظل المجتمع يتعاطى بوجهين مع القضية فمن جهة تدفع عاقلة الجاني الدية ومن جهة أخرى تدفع أو هكذا يفترض شركات التأمين الدية للمضرور إن كان حيا أو لذويه كما تبرز إشكاليات " الربا " الذي ضاعت ملامحه بعد غياب أهم اوعيته وهو النقدين أو ما اصطلح عليه بالذهب والفضة حيث يذهب بعض كبار العلماء إلى نفي الربا في النقد المعاصر لكونه ليس ذهبا ولا فضة
وتأخذ صلاة الجمعة نصيبها من ظاهرة المجتمع النوازلي فيسقطها البعض عن الجميع باعتبار أن من أهم شروط الجمعة الأمن ونحن في عصر تعود الغلبة فيه ل " الكفار "
والمتأمل لظاهرة " النازلة " لدى المجتمع الموريتاني وخصوصا على مستوى نخبه يأخذه العجب
فهل ترانا تميزنا بكل تلك الإشكاليات بسبب :
- كوننا مجتمعا نخبويا للغاية
- أم لأننا حقا كنا ولا زلنا منكبا برزخيا لا تربطنا روابط حقيقية بعواصم الفقه الإسلامي
- أم لأننا نعيش إنكارا مزمنا لحقيقة " الدولة " في حياتنا،ونعيش بعقل منفصم ما بين الحقيقة الفقهية وفق تصورنا وضرورة واقع الدولة واستحقاقاتها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق