لا شك أن فساد التعليم ترتب عليه الكثير من الأضرار سواء تعلق الأمر بالجانب الاقتصادي أو الإجتماعي أو السياسي فهو عقد ناظم لكل ذلك فلو ألقينا النظر من منظور اقتصادي بحت فهل يعقل أن تنهض تنمية أو ينتعش اقتصاد أو تتحقق مكاسب فى ظل واقع كهذا الذى نعيش حيث تسند المهام إلى الأقل قدرة وكفاءة والأدنى مستوى على أساس واحد هو النفوذ أو القرب من نافذ أما الجانب السياسى فقد ظل طغيان النفوذ ونفوذ الطواغيت الاجتماعية هما الأبرز وإن وجدت استثناءات تظل شاذة وقليلة بل نادرة ذلك أن الذراع الأقوى فى المجتمعات ممثلا بالمشيخة التقليدية دخلت على خطه كل الأنظمة المتعاقبة وتبنته لحاجة فى نفسها علمها من علمها وجهلها من جهلها فلم تعد تلك المشيخات تقوم بمهامها التى من أجلها منحها المجتمع ثقته ليضيع حق الرعية بين هؤلاء وأولئك أما الجانب الاجتماعي فلا أدل على فساده والشرخ الحاصل فيه مما نعيشه من قبلية وجهوية وشرائحية وعنصرية تزكم روائحهم كل الأنوف فى حين تغيب مفاهيم الوطنية والمواطنة لاستحالة الجمع بين الضدين والواقع السيء الذى تعيشه البلاد كان نتيجة لفساد التعليم والعمل على إفساده بعد فجر العاشر من يوليو 1978 حيث ظلت الارتجالية والانتقائية فى القطاع تتصدران المشهد ولم يأل نظام جهده فى سبيل تجذير ذلك عن حسن نية أو سوئها لا يهمنا الأمر ولسنا بصدد عقد محاكمة للنيات بقدر ما يهمنا ويؤرقنا واقع أجيال تتردى وقيم تنهار ومنظومة اجتماعية تتفكك بفعل التجهيل المتعمد أو غير المتعمد والذى نوشك جميعا على جنى جراحه لمشاركتنا ومباركتنا عن قصد أو غير قصد فى بذر أشواكه وتعهدها فمن جد لا شك ولا ريب وجد ومن زرع حصد ومن يبذر الشوك يجنى الجراح ، قد أبدو متشائما لكن الأمر ليس كذلك فلنتمهل قبل أن نحكم ولننظر إلى واقع أجيالنا فالمدرسة الجمهورية لم تتحقق والمدارس النظامية لدينا وكر للرذيلة و مركز لتسويق المخدرات أما الخصوصية فهى للصفوة منا فى المال والجاه أما الثانويات العسكرية فهى حظوة أصحاب النياشين والرتب والامتياز استأثر بها الأساتذة المسندة إليهم
وتبقى الغالبية تعركها ثفال رحى الفساد الذى عشعش فينا وباض وفرخ فجل شبابنا لا يتجاوز عتبة الباكلوريا وبعضه يتسرب فى المرحلتين الاعدادية والابتدائية أما البعض الأخر فصده عن أبواب المدرسة الفقر والعوز ذلك لانتشار عمالة الأطفال فينا على مرأى ومسمع رغم القوانين الجاثمة على الرفوف والمبنية اصلا على باطل ومعلوم لديكم أن مابنى على باطل فهو باطل وها نحن اليوم بصدد حصاد بذرنا فجرائم القتل والاغتصاب والحرابة والنشل بادية للعيان أما الرشوة وسرقة المال العام واستغلال النفوذ فمنذ زمن بعيد وهي تنخر جسم أمتنا المنهوك وما ذلك إلا بسبب فساد التعليم وواهم من ظن أنه سيسلم من تبعات ذلك فاليوم وغدا أو بعد غد سيكتوى الكل بنار ذلك وتلاحقه لعنة التجهيل التى تم التواطؤ عليها والتخطيط لها لكن هيهات هيهات أن ينجو منها احد فهى تطارد الجميع وتلاحقه ولا سبيل إلى الافلات منها فهى كضمة القبر لا ينجو منها صالح ولا طالح
وقبل أن أختم أنوه باستقالة الوزيرة نبقوه حاب التى كانت على رأس المجلس الأعلى للتهذيب عندما تبين لها أنه مهزلة وليت بعض الشرفاء والنزهاء من موظفينا يحذون حذوها ويقتدون بها فقد كانت بما فعلت عند حسن ظن الجميع فلها كل التحية والتقدير ونسأل الله تعالى أن يرشد الجميع ويرده إلى طريق الصواب وصلى الله وسلم على محمد الذى بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين وعلى أله وأصحابه ومن استن بسنته إلى يوم الدين
أقول قولي هذا وأستغفر الله لى ولكم ولجميع المسلمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق