الأربعاء، 24 أغسطس 2022

يوميات خريف انواكشوط (1)

 



تطفو كائنات المدينة على سطح الواقع الملموس... أسلاك شركات الاتصال، وتوصيلات المياه التي تمت في عجالة، وأخطبوط أسلاك زرعه متعاون في الوطنية للكهرباء ساعات قبيل الطوفان الأخير.


فجأة شب تماس كهربائي أودى بصغير كان يلهو قرب النبع، عند تقاطع المدرسة رقم 2 بلكصر، فاضت شوارع الحي بمياه آسنة جرفتها سيول المقاطعة، زيوت محركات داكنة غمرت المكان.


حين جفت دموع الأهل على صغيرهم، تقدم خمسيني، مغموم بفعل الحر وضغط الحياة في خريف العاصمة، وتفوه بعبارات غير مسموعة، فُهم منها لاحقا أنها تعزية رسمية باسم اتحاد كهربائي المنطقة وميكانيكيي الحي وبلدية لكصر.


أزيز محركات صهاريج المكتب الوطني للصرف الصحي لا تعطيك فرصة لمغالبة النوم؛ ذلك العزيز الذي يتبختر في دلال مزهوا على أنغام زغاريد أنثى ناموس نواكشوطية، يذرع السائق المتحمس الطريق جيئة وذهابا يُفرغ شاحنته حديثة الطلاء استعدادا لموسم البهرجة الآسن.


اقتربت من السائق المتعب، كان ينتظر إفراغ حمولة شاحنته في مصب على جانب الطريق، استعان بقليون " امنيجه" عظيم، ونفث دخانه، وسأل عن مطعم في الأرجاء ؟.


كان استعداده لشراء العشاء باهتا؛ وأخبرني أن تعويضه اليومي عن عمله يبلغ مائة أوقية جديدة، وأن راتبه الشهري متأخر منذ مايو الماضي. 

لم تكن ظروفه تسمح له بالعمل الجاد، كان شارد النظرات يُفكر في مصير عائلته في الترحيل، وعدته بإيصال شكواه والكتابة عنه، كان متعبا جدا لدرجة أنه نسي أن يودعني، وحين انطلق لوح لي بيده التي تحمل غليونا مشتعلا تماما كواقعه في هذا الخريف الحار.

اقريني امينوه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق