الأربعاء، 24 أغسطس 2022

الأحزاب السياسية والشباب (محمد فال بلال

 


اليوم 24-8-2022، أمام مؤتمر الشبكة العربية للشباب في الانتخابات، طلب مني المنظمون الإدلاء بكلمة في أقل من 5 دقائق حول: الأحزاب السياسية والشباب. 

أنشر هنا كلمتي بالمناسبة.

سادتي، سيداتي،

إخوتي الكرام،

أتناول الموضوع في أربع نقاط : ما هي الأحزاب؟ وما هو الشباب؟ وما هي العلاقة بين الأحزاب والشباب؟ وما هو المطلوب لإصلاح العلاقة بين الأحزاب والشباب ودفع الشباب إلى المشاركة السياسية؟

* الأحزاب السياسية، هي دستوريًا مكوّن أساسي من مكوّنات النظام الديمقراطي. تسعى إلى الوصول إلى الحكم وإدارة شؤون البلاد عبر صناديق الاقتراع وفوز مرشحيها في انتخابات حرّة و نزيهة. وتساهم في تشكيل الرّأي العام، ونشر الثقافة السياسية، ودفع وتشجيع مشاركة المواطنين في الشأن العام.

* والشباب، هو المحرّك الرّئيسي للتّاريخ! وفي الحد الأدنى تعتبر مشاركته شرطا أساسيا لأي تقدم سياسي أو اجتماعي، لأن مرحلة الشباب هي أخصب مراحل العمر، وهي مرحلة العطاء. الشباب هم تاجُ وعزُّ الأوطان، والجسر الواصل بين الماضي والمستقبل، أو إن شئت قل إنهم الحاضر الذي يصنع المستقبل.

* ما هي العلاقة القائمة اليوم بين الأحزاب والشباب؟ 

تشير معظم البحوث إلى أنّ الشباب يمثل النسبة الأكبر في المجتمع العربي، حوالي 60% من السكان. وتقول إن ما لا يقل عن 80% من هؤلاء الشباب لا ينتمون لأي حزب أو جماعة سياسية. لا يثقون بالأحزاب، ولا يمارسون السياسة الحزبية إطلاقا. وبناء على ذلك، يمكن القول بأن العلاقة بين الأحزاب والشباب في الوطن العربي اليوم هي علاقة جفاء وتدابُر إن لم تكن علاقة توَتُّر وتعارُض. وهذا في حد ذاته يطرح السؤال: 

لماذا الشباب، وهو الأقدر على التعاطي مع العصر وتحدياته، يبقى بعيدا عن مسرح الأحداث وعن هياكل وأروقة السياسة والأحزاب؟ لماذا هذه الفجوَة والقطيعة الواضحة في معظم البلدان العربية بين الأحزاب والشباب؟

* ما هي الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة؟

هناك عدة أسباب، يمكن إجمالها في:

- 1- هيمنة الطبقة السياسية التقليدية في المنطقة العربية على الحياة السياسية الحزبية لفترة طويلة من الزمن ظلت وما زالت تحدّ، إن لم تكن تمنع، وُلوج الشباب إلى مراكز صنع القرار داخل المؤسسات الحزبية؛ ومن ثم غياب الديموقراطية داخل الأحزاب، وغياب التناوب على المراكز القيادية، وتقليص فرص الترشح أمام الشباب في  الانتخابات.

- 2- غياب برامج حزبية واضحة المعالم تميِّز بين حزب وآخر تحفِّز وتعطي اهتماما لشريحة الشباب وتُحيي فيهم الأمل بإمكانية تحقيق تطلعاتهم في التطور والتغيير. وشيئا فشيئا وصل الأمر بالشباب إلى حد الشعور بعدم جدية الإصلاح السياسي وعدم نزاهة الانتخابات وعدم الجدوى المشاركة وفقدان الثقة في رموز العمل السياسي واتهام بعضهم بالفساد. 

* ما هي الإجراءات المقترحة لتجاوز هذا الوضع؟ ينبغي:

- 1 - سن قوانين تمييزية إيجابية تدفع لمشاركة الشباب في الفعل السياسي، مثل تخفيض سن الترشح إلى 21-22 سنة، وإدخال نظام "الكوتا" في القوائم المترشحة،

- 2 - إلزام الأحزاب بإعطاء الشباب مكانة معتبرة في الهيئات القيادية، والإدارات العليا في الحكومة والبرلمان والمجالس المحلية. ويمر ذلك حتما ب"دمقرطة" الأحزاب. لا بد من صياغة نصوص لهذا الغرض.

- 3 - الحد من دور المال السياسي الذي يعد سببا من أسباب إقصاء الشباب. غالبا ما تبحث الأحزاب عن الأشخاص القادرين على تمويل حملاتهم والفوز بالمقاعد بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.

- 4 - مكافحة نزعة اليأس والهروب من السياسة لدى الشباب من جهة، ونزعة الاحتكار لدى الطبقة السياسية التقليدية من جهة أخرى، وإيجاد نوع من التكامل و التشارك بين الطرفين في الحياة السياسية.

- 5 - إقناع الطبقة السياسية بإشراك الشباب والاستفادة من عطائهم، وإقناع الشباب بأنهم يستطيعون القيام بدور المحرك الأساسي للعملية الانتخابية من خلال تفوقهم العددي، إذا ما نبذوا اليأس والإحباط.

- 6 - نشر الوعي المدني والانتخابي في صفوف الشباب عبر كل المنابر، والزّج بهم في أتون العملية السياسية. وعلينا نحن، في الادارات الانتخابية، الاعتماد عليهم في تنفيذ المهام المتعلقة بتنظيم العملية الانتخابية.

- 7 - إحترام خصوصية الشباب وخلق منظمات شبابية متفرعة عن الأحزاب أو على تماس معها من حيث الرؤى والأهداف، وبلورة برامج جذّابة ومتنوِّعة تجمع بين الإفادة والمُتعة.

- 8 - ماذا لو قمنا مثلا بتلطيف العمل السياسي بالأغنية الهادفة والمسرح والرواية والرسوم الجميلة والأفلام التثقيفية، وغير ذلك من الأنشطة الثقافية والرياضية التي تروق الشباب عادة.

- 9 - يليق بالفئات العمرية الأخرى من المناهج وأدوات العمل الميداني ما لا يليق بالشباب التواق بطبعه إلى التجديد والتغيير، والمعروف بسرعة الملل والضجر. لا يتحمل كثيرا تعاسة وكآبة تدوير الخطابات والشعارات والأشخاص. 

أكتفي بهذا القدر نظرا لضيق الوقت،

أشكركم والسلام عليكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق