عندما ينفصل الحياء عن "ضعيف" مسطرة الأخلاق المضطربة و يتسلل البوار الاجتماعي والشطط السياسي و تتضخم "الأنا"
العمياء في النفوس الغير مكترثة، و لو كان كل ذلك على خلفية هدوء جبان، و يتراءى الأمر كقبول الناس بمجريات الحياة على ما تتصف به من جمود "الذهن" و استقالة "الزند"، و ما هي عليه من مهتز و رديئ الأحوال و تخلف عن الركب الأممي، فثق لحظتها أن حاضر هؤلاء الناس لن يوفر "التوازن" الضروري في زمنهم، أو يدفع إلى تحسن واقعهم المعيش، و أنه لن يتسنى لهم العبور بسلاسة إلى المستقبل. هذا ما أثبتته التجارب الأليمة لشعوب دول كثيرة من خلال ما وقعت فيه حروب أهلية صفعتها على حين غرة و أشعلت أخضرها قبل يابسها؛ حروب كان من المستبعد بتاتا وقوعها لثقة نخبها "المصطنعة" بالمسار الذي تنتهج و احتماءها الأعمى و الأرعن في الهدوء الذي يلفه. فحرب لبنان بدأت بمشادة كلامية بين رجلين و لم يكد يصل خلافها و تداعياته إلى المحكمة حتى بدأ الهرج و المرج. و حرب ليبيريا و السيراليون سببهما هيمة الإفريقي المستعلي "العائد" إليها، على صهوة فرس التحضر الغربي، من أمريكا بعد الانعتاق من الاسترقاق الأبيض، و ثورة تونس انفجرت بسبب ضغط التباين الكبير بين الحاكمين و أذنابهم و عموم الشعب المقهور، و في ليبيا بسبب اشتداد قبضة "الديكتاتورية" و السعي إلى توريث الحكم، و في مصر و سورية من الضغط على الشعوب و حرمانها من حقوقها في بلدانها المغتصبة من طرف ثلة قليلة من مواطنيها و حرمان الأغلبية الساحقة مما يخرجها من الغلب، و في اليمن بسبب عمق وطأة القبلية الجاهلية و حميتها لا سيما أنها تضاعفت بسبب لبسها ثوب الاختلاف المذهبي المزمن. فمن يمنعنا من الانزلاق إلى مثل هذه الانتفاضات علما بأن المال في البلد مكدس كله بين أيدي ثلة قليلة من قبائل معدودة تتقاسم "الجاه" و "الحرابة" و "الكلمة" و "الصدارة" في كل مناحي الحياة و مرافق الدولة و دوائر النفوذ و غيرهم قليل من فئة "لا طاح الماسندو اذراعو" و هو في الغالب "ذراع" التحالف من الدرجة الثانية و الانخراط في جوقة المحاباة و المساندة العمياء للأقوى.
فمن ذا الذي يملك المصارف التي لا يتردد البعض في إطلاق أسماء القبائل عليها؟ و من يمتلك القدرة السحرية على بناء العمارات الشاهقة و هو في سن المراهقة؟ و من يستورد ما يريد، متى يشاء من حيث يريد؟ من يعلم أبناءه في أحسن المدارس ثم يوظفهم بعد تخرجهم و أحيانا قبله؟ إنهم فقط و حصرا خريجو هذه القبائل المعدودة و إن اختلف وجهاؤها و مترفوها في مضامير السباق فإنهم متفقون على تبادل الأدوار بحسب ما تكشف عنه الأقدار؟ فهل تظل السيرة "السيباتية" " سيف داموكليس" مسلطا على مسار بلد كتب له أن يولد من رحم اللا دولة و إرادة شعب يريد السواد الأعظم منه أن ينعم بحقوقه في جو من التوازن الاجتماعي و في ظل دولة المواطنة العادلة أم أن القلوب العمياء التي في الصدور الظالمة ستظل تمسك بدفة الواقع إلى تخوم المجهول؟
الولي سيدي هيبه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق