أما أنا – وقد امتلأت
بكل أسباب الرحيل -
فلست لي
أنا لست لي
أنا لست لي .. جئتُ قبل ميعادي.
بعد قصة حب جميلة و أسابيع من إعلان دمشق البطل ياسر عرفات " شخصا غير مرغوب فيه"، منحت كريمة الصالحين والأولياء الحياة في البوابة الغربية لوطن العرب، لوحيدها و حفيد الفاتحين؛ ارتوى الرضيع كرامة في مربد الصحراء، المتشبث بملحمة بعث العرب، قبل أن تضعه يد المعلم ابريد الليل الحنونة على سفوح فن النضالات الكبرى، لتسعفه لاحقا موهبته الفذة؛ أودع عقوده الأربعة رحلة حياة انسل منها مبتسما، على مرمى حجر من قيروان جده، قبل صعود روحه الطاهرة، بإذن الله، إلى أعالي الفردوس.
أعفى الكدر وألبس زمانه بهجة الربيع، بروح راقية الإطمئنان وقلب سكنته أناقة الحب، ليمكث الأفضل في عالم يهوي باستمرار نحو الأسوأ.
كان المعلم يرى في الفنان الشاب، الذي رافقه وشجع موهبته، "بداية مشروع"، للثورة على العقليات الرجعية والمسلكيات الظلامية؛ يعتبره في بداية الطريق، رغم النجاحات الكبيرة لأعماله التي يفتخر بحضوره في أدق تفاصيلها.
اقتحم الفنان المبدع المرابط بن الزين عالم الكوميديا ثائرا على الواقع في محاولة قلب مجن السخافات السائدة، حيث اعتبره الإعلام الدولي مؤسس " الكوميديا الجديدة" في موريتانيا، كمرحلة حاسمة من "تشكيل معالم الخصوصية الثقافية".
أدمن التمرد ليحلق في سماء الكوميديا شعرا استوفى سماته الجمالية، وأضاف نكهة التنوع الأخاذ للشكل والغرض في مؤامرة عالية النبرة ضد الميوعة، الجهل، التخلف والحيف؛
طوع الكوميديا لتحمل رسائل سياسية ملحة وجريئة بمسؤولية لم تنتقص السخرية والنقد مكانتهما في مرحه الجاد، الخالي من التشهير والاستهداف الشخصي التافه البذاءة؛
اشتغل المرابط بالحرف فأحسن استخدامه في بلاط صاحبة الجلالة، ليستقر نفسه الثوري وغضبه الطفولي في أودية الفن مستوفيا قدرته الفائقة على إيقاظ " الشعب الذي ينام"، متحديا تدجين التعبير الفني بإخضاعه لتفاهة الضحك الأحمق المفرغ من منطق معرفي وقيمة أخلاقية. ضخ المجد والعزة بسخاء في ذاكرة المقاومة، جاد بفعل ثقافي أشبعه لذيذ أصالة الملك همام وشاعرية عسل ديمي سدوم، وزاد سحر الأجيال ومتعة ما يليق بخيمة الحضارة؛
حصدت أعماله وافر الإعجاب ومقام التصنيف " الأكثر تفاعلا في العالم العربي".
بصمت الحزن وذهول الغضب رسم الناس ألم غياب مبدع سكن صومعة الزهد متسلحا بمتعة البذل وآلاء الإيمان.
تحتاج الثقة التي بعث في أرواحنا، اعترافا بحجم مكانته في قلوب شعوب الصحراء الكبرى.
رحم الله المؤمن المواطن القومي المبدع العبقري المرابط بن الزين وسقاه بإذنه تعالى من حوض المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام؛ إنا لله وإنا إليه راجعون.
عبد الله حرمة الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق