السبت، 13 أبريل 2024

رمزية الحيوان عند القوميات الموريتانية (د الشيخ معاذ سيدي عبد الله)




السوننكية :

تعتمد الحكاية الشعبية السوننكية كثيرا على الحيوان وأكثر الحيوانات حضورا في تلك الحكايات، الأرنب رمز الذكاء، والضبع رمز الغباء والجشع والأسد رمز القوة والحكمة والملك، ويشترك مع الفيل في الرمزية نفسها والحضور، وهناك حيوانات أخرى كالذئب والثعلب .. فهذه أغلب الحيوانات التي تدور حولها الحكاية الشعبية السوننكية، مع وجود حيوانات أخرى ولكنها نادرة الحضور، وغالبا ما تكون مجرد كومبارس في الحكاية لا تقدم دورا مؤثرا[1] .

وتؤكد حكاية (الملك الأمثل) المتواترة لدى ساكنة الضفة في الجنوب الموريتاني رمزية سيادة الأرنب على سائر الحيوانات رغم صغرها، وذلك لما تتمتع به من ذكاء ودهاء.

تقول القصة : ذات يوم جاءت الأرنب إلى الفيل وقالت : يا خالي الفيل أنا وأنت ومن معنا من الحيوانات يجب أن ننصب منا ملكا، فوافق الفيل ونادى جميع الحيوانات، ولما حضرت، قال الفيل : تكلمي يا أرنب، فقالت الأرنب : لا . تكلم أنت فإذا وفقت فحسن، و إذا أخطأت صححت كلامك. فقال الفيل : أرى أن نعين الضبع ملكنا، فقالت الأرنب : لا لا ، إنه جبان ينقضي عمره بالهرب، والجبان لا يمكنه أن يكون ملك كل الحيوانات.

فقال الفيل : نعين الأسد، فقالت الأرنب : لا لا. إنه قوي شديد، وشجاع فالأحسن أن يكون الملك ممن يُقدَرُ عليه ساعة الغضب. فقال الفيل : إذا القمري، فقالت الأرنب : لا لا . إنه غيور جدا ينبش الحشيشة إذا حالت بينه وبين زوجته فكيف نجتمع في داره إذا عيناه، إن الملك يجب أن يكون واسع الصدر.

فقال الفيل : هذا عجيب. إذن كوني أنت ملكة أيتها الأرنب. فقالت الأرنب  لا. أنا صغيرة جدا، والأجدر بالملك أن يكون بارزا من بين الجميع عندما يتصدر الاجتماع.

فقال الفيل : أكون أنا ملكا. فقالت الأرنب : لا لا. فالأحسن للملك أن يكون مقدورا عليه، أما أنت فقوي في حالة السلم والمزاح، فكيف بك عند الغضب؟.

فقال الفيل : من يكون ملكنا إذا؟

قالت الأرنب : أرى أن الذي يمكن أن يتملك هو طائر يدعى الصبر، فهو الملك المقتدر، ويصحبه صغيره العقل. هذا هو الملك الصالح إن وجد[2].

 

البولارية :

في الثقافة الشعبية البولارية (الفلانية) يلعب الأسد - كما في معظم الثقافات الإفريقية - دور السيد والبطل في الغابة.

لذلك يقولون: إن تاريخ الغابة يكتبه الصياد، ولا تكتبه الأسود، فلو كان الأسد هو الكاتب لانكشف أمر مجموعة كبيرة من الصيادين الهاربين والذين لقوا حتفهم في الغابة.

كما أن هذه الثقافة تشترك مع الثقافة الحسانية[3] في كونِ الضبع المعروف ب Dembyale في الثقافة الشعبية البولارية يلعب دائما دور الغِر والجبان والجشع المستعجل، أما الأرنب في الثقافة البولارية فهي تأخذ دور الذئب في الثقافة الحسانية.

فالأرنب bojéle هي رمز المكر والدهاء،ودائما توقع الضبع في فخاخها المنصوبة.

ومن غباءات الضبع أنه جلس ذات ليلة في جمع من الناس.

فقال لهم: انظروا هناك إني أرى الهلال

فلما نظروا رأوا الهلال فعلا

فقالوا: لقد صدق الضبع هذه المرة

فانتشى الضبع لشهادتهم بصدقه وأضاف:

وهاهو هلال ٱخر في تلك الجهة من السماء، وفي تلك الجهة الأخرى هناك هلال أيضا، إني أرى الهلال في كل الجهات، فلم يعلق من الجمع أحد.

ويبدو أن الضبع أو الدب يتخذ نفس الرمزية في جل المرويات الشعبية الإفريقية، فعندَ المادنكى مقولة راسخة وهي أن الضبع لا يصطاد فريسته إذا كانت بشرا لكنه يمشي وراءها خائفا وهو يحدث نفسه قائلا : سيسقط منه ذلك الذراع الذي يتحرك وسألتقطه بسهولة.

أما من باب الاعتداد والفخر فإنّ الثقافة الفلانية ونظرا لارتباطها الشديد بالبقر، تعتبر الثور الرمز الأعلى للقيمِ والشهامة.

فيقولون تشبيها لأي إنسان عظيم: إنه ثور (oko Nggari) وذلك يعني أنه عظيم وخارق.

أما المعزاة فإنها ترمز للفشل والثرثرة، فيقال فلان معزاة، ذلك يعني أنه لا همّ له[4].

 

الولفية :

لا تختلف رمزية الحيوان عند قومية الولوف عن بقية القوميات الموريتانية، فأكثر الحيوانات حضورا في حكاياتها الشعبية الدب ويرمز للجشع وحب السيادة لدى من لا يستحقها، والأسد ويرمز إلى الأبوة وزعامة الأسرة، والثعلب ويرمز للمكر والخداع، والأرنب التي ترمز للذكاء وسداد الحيلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق