أعرف أن المعارضة الآن مصدومة من النتائج الأولية، لكنني لست معنيا
بالدرجة الأولى بنجاح احزابها أو خيبات لوائحها فـما يَهُمُني يكمن فـي
التغيير سواء جاء عبر مساومة النظام أو عبر صناديق الاقتراع، وبدرجـة أخرى
أود أن اتقدم باقتراحات مراجعة لفائدة المعارضـة وهي تتلخص في النقاط
التالية :
1ـ ضرورة التفكير ملياً في نهج مقاطعة الانتخابات : فالمقاطعات لم تحل بين النظام والمضي في سياسساته الأحادية أو ترك بصمات الاستبداد علـى جزئيات الحياة العامة، والأهم ان دعوات المقاطعة السياسية لم تؤدي للاستجابات الشعبية كما كان متوقعا (بسبب مؤثرات أقوى من الحزبية كالقبلية والفراغ، والشرائحية والجهوية) ولم يحجم بناء عليها المواطنون غن التسجيل و الاقتـراع (تجديد مجلس الشيوخ والانتخابات اللبلدية والتشريعية 2013، والاستفاء الدستوري 2017 ) واحيانا استطاع النظام خلق ترشحات بديلة من داخل رحم الاحزاب المعارضة نفسها.
2 ـ المشاركـة رغـم التلاعب بالانتخابات : وتشارك المعارضة (المنتدى والتكتل، وجهاتٌ أخرى) في انتخابات جهزت لها الحكومة ونظمت سيرها بالتشاور مع معارضين آخرين قبـل ان تحدد الإدارة ملامحها القانونية والتنظيمية واعداد لوائحها، والمعارضة تشارك في الوقت الراهن دون أن تشرح لجمهورها لماذا قاطعت ولماذا شاركتْ؟ ولماذا هي مترددة كل مرة؟ وهل طـرأ حافز ما يدفع قادتها لتقرير خوض السباق؟
انها تشارك وبقوة بالرغم من وجود لجنة مستقلة للانتخابات غير متشاور معهم بشأنها! وفي ظل انعدام الحد الأدنى من شروط الشفافية والمصداقية كغياب المراقبين المحليين والدوليين وانخراط رئيس الجمهورية والادارة العمومية والمحلية في حشد الدعم علنا لخيارات الحزب الحاكم، وما افرزته خطابات الوعيد والتهديد التي أعلنها رئيس الجمهورية بشكل غير مسبوق في وجه كل من تسول له نفسه الخروج على الاتحاد من اجل الجمهورية. وكذلك، تشارك المعارضات بعـد اعتقال ومُحاكمة بعض من رموزها. ولقد يدفع الفضول الجمهور للتساؤل في هذه الظروف لماذا تقرر المعارضة المُشاركة؟ ولماذا قاطعت الانتخابات ضمن ظـروف
أخرى أقل سوداوية؟
3ـ التحاور والمساومة : كافة زعماء المعارضات الموريتانية وأحزابها الراديكالية ومنظماتها الحقوقية والنقابية المُزعجة، وقادة رأيها من كتاب وصحفيين وفنانين وفقهاء الشرع والفقه مروا يوما بالقصر الرمادي محاورين او مقدمين لخدمات (لا أبرؤ نفسي)، أو سبق عليهم الدخول مع النظام في مساومات ومحاورات أو مهدوا لها على الأقــل، على اختلاف الوضعيات دون أن يفكر أي منها في كونه يعرقل عملية التحول الديمقراطي أو في كونه يشارك في فساد اخلاقي او تزوير سياسي لنظام انقلابي. وكثيرا ما نتابع، دون جدوى الاتهامات المتبادلة بين كبار المعارضين بسبب هذا "التحْكَاكْـ" على النظام وعدم استخلاص الدروس المستفادة من التحاور معه.
طبعا، السلطة مُغرية جدا لمعارضيها خاصة وأن ثلاثة ارباع الحكومة الموريتانية هم رفاق لنا سابقا في النضال السياسي وهذا يسهل عملية الاستقطاب والتفاعل فالكيمياء قائمة بين السلطة ومعارضاتها دون انقطاع منـذ استقلال موريتانيا والدليل على ذلك محاولات المنتدى دخول حوار غير معلن في ابريل الماضي مع الحزب الحاكم وذلك بشأن اللجنة المستقلة للانتخابات.
4ـ لدى المعارضات الدافع الكافي للمشاركة في أي انتخابات من اجل اكتساب الخبرة والرؤية والحصول على موطئ قدم في الجمعية الوطنية (البرلمان) حتى لو تضاءلت حصتها من الأصوات، لكن لم ينجح من بينها في ذلك سوى الاسلاميين اللذين برهنوا على قدراتهم على ابرام التحالفات البراغماتية والسعي لتمهيد الطريق أمام استلام الحكم حتى لو طال الأمد، والاسلاميون في سبيل ذلك لايستبعدون انفسهم من التأثير على الشباب والطلبة العاطلين والنساء الراغبات في دخول الجنة بأيسر السُبل والمتقاعدين اللذين يودون التكفير عن ذنوبهم في مراجل العمر السابق ولأن الاسلاميين يوفرون الاجابة على العديد من مشاغل امثال هؤلاء عبر خدمات المنظمات الخيرية والدعوية والانسانية والجندرية والنقابية والطلابية التي تلامس وجدان الناس في الاحياء والقرى والارياف فقـد أمْكن لحزب تواصل ان يشكل الحاضن السياسي للجمهور الموريتاني، بشكل متزايـد، ليس هذا فقط بل ان التواصليين استطاعوا استقطاب بعضا من رموز المعارضات الأخرى والنظام نفسه.
الاسلاميون لهم رؤية وهدف ولا يفتقرون الى الشرعية الايديلوجية لذلك انشغلوا في تحقيق مراميهم ومطامعهم بينما تركوا غيرهم من المعارضة يوزع صكوك الوطنية، والغيرة على المواقف، الخيانة والجوسسة، والنعيق والزعيـق.
التجارب تقول لنا ان المقاطعة اشارة الى انعدام الحيلة والضعف في صفوف المعارضات، وعلى العكس مما يؤمل فإن المقاطعة الواسعة للاستحقاقات الانتخابية لن تقود الى اذكاء حالة من الفوضى والاضطرابات كما أملت بعض الأطراف من اضراب عمال ازويرات واكجوجت ولن تقود المشاركة في الانتخابات الجارية الى "العصيان المدني" كما طالب بذلك مؤخرا معارض بالخارج.
مجرد دعـوةٌ للمعارضة من أجل المراجعة
بقلم عبيد اميجن
1ـ ضرورة التفكير ملياً في نهج مقاطعة الانتخابات : فالمقاطعات لم تحل بين النظام والمضي في سياسساته الأحادية أو ترك بصمات الاستبداد علـى جزئيات الحياة العامة، والأهم ان دعوات المقاطعة السياسية لم تؤدي للاستجابات الشعبية كما كان متوقعا (بسبب مؤثرات أقوى من الحزبية كالقبلية والفراغ، والشرائحية والجهوية) ولم يحجم بناء عليها المواطنون غن التسجيل و الاقتـراع (تجديد مجلس الشيوخ والانتخابات اللبلدية والتشريعية 2013، والاستفاء الدستوري 2017 ) واحيانا استطاع النظام خلق ترشحات بديلة من داخل رحم الاحزاب المعارضة نفسها.
2 ـ المشاركـة رغـم التلاعب بالانتخابات : وتشارك المعارضة (المنتدى والتكتل، وجهاتٌ أخرى) في انتخابات جهزت لها الحكومة ونظمت سيرها بالتشاور مع معارضين آخرين قبـل ان تحدد الإدارة ملامحها القانونية والتنظيمية واعداد لوائحها، والمعارضة تشارك في الوقت الراهن دون أن تشرح لجمهورها لماذا قاطعت ولماذا شاركتْ؟ ولماذا هي مترددة كل مرة؟ وهل طـرأ حافز ما يدفع قادتها لتقرير خوض السباق؟
انها تشارك وبقوة بالرغم من وجود لجنة مستقلة للانتخابات غير متشاور معهم بشأنها! وفي ظل انعدام الحد الأدنى من شروط الشفافية والمصداقية كغياب المراقبين المحليين والدوليين وانخراط رئيس الجمهورية والادارة العمومية والمحلية في حشد الدعم علنا لخيارات الحزب الحاكم، وما افرزته خطابات الوعيد والتهديد التي أعلنها رئيس الجمهورية بشكل غير مسبوق في وجه كل من تسول له نفسه الخروج على الاتحاد من اجل الجمهورية. وكذلك، تشارك المعارضات بعـد اعتقال ومُحاكمة بعض من رموزها. ولقد يدفع الفضول الجمهور للتساؤل في هذه الظروف لماذا تقرر المعارضة المُشاركة؟ ولماذا قاطعت الانتخابات ضمن ظـروف
أخرى أقل سوداوية؟
3ـ التحاور والمساومة : كافة زعماء المعارضات الموريتانية وأحزابها الراديكالية ومنظماتها الحقوقية والنقابية المُزعجة، وقادة رأيها من كتاب وصحفيين وفنانين وفقهاء الشرع والفقه مروا يوما بالقصر الرمادي محاورين او مقدمين لخدمات (لا أبرؤ نفسي)، أو سبق عليهم الدخول مع النظام في مساومات ومحاورات أو مهدوا لها على الأقــل، على اختلاف الوضعيات دون أن يفكر أي منها في كونه يعرقل عملية التحول الديمقراطي أو في كونه يشارك في فساد اخلاقي او تزوير سياسي لنظام انقلابي. وكثيرا ما نتابع، دون جدوى الاتهامات المتبادلة بين كبار المعارضين بسبب هذا "التحْكَاكْـ" على النظام وعدم استخلاص الدروس المستفادة من التحاور معه.
طبعا، السلطة مُغرية جدا لمعارضيها خاصة وأن ثلاثة ارباع الحكومة الموريتانية هم رفاق لنا سابقا في النضال السياسي وهذا يسهل عملية الاستقطاب والتفاعل فالكيمياء قائمة بين السلطة ومعارضاتها دون انقطاع منـذ استقلال موريتانيا والدليل على ذلك محاولات المنتدى دخول حوار غير معلن في ابريل الماضي مع الحزب الحاكم وذلك بشأن اللجنة المستقلة للانتخابات.
4ـ لدى المعارضات الدافع الكافي للمشاركة في أي انتخابات من اجل اكتساب الخبرة والرؤية والحصول على موطئ قدم في الجمعية الوطنية (البرلمان) حتى لو تضاءلت حصتها من الأصوات، لكن لم ينجح من بينها في ذلك سوى الاسلاميين اللذين برهنوا على قدراتهم على ابرام التحالفات البراغماتية والسعي لتمهيد الطريق أمام استلام الحكم حتى لو طال الأمد، والاسلاميون في سبيل ذلك لايستبعدون انفسهم من التأثير على الشباب والطلبة العاطلين والنساء الراغبات في دخول الجنة بأيسر السُبل والمتقاعدين اللذين يودون التكفير عن ذنوبهم في مراجل العمر السابق ولأن الاسلاميين يوفرون الاجابة على العديد من مشاغل امثال هؤلاء عبر خدمات المنظمات الخيرية والدعوية والانسانية والجندرية والنقابية والطلابية التي تلامس وجدان الناس في الاحياء والقرى والارياف فقـد أمْكن لحزب تواصل ان يشكل الحاضن السياسي للجمهور الموريتاني، بشكل متزايـد، ليس هذا فقط بل ان التواصليين استطاعوا استقطاب بعضا من رموز المعارضات الأخرى والنظام نفسه.
الاسلاميون لهم رؤية وهدف ولا يفتقرون الى الشرعية الايديلوجية لذلك انشغلوا في تحقيق مراميهم ومطامعهم بينما تركوا غيرهم من المعارضة يوزع صكوك الوطنية، والغيرة على المواقف، الخيانة والجوسسة، والنعيق والزعيـق.
التجارب تقول لنا ان المقاطعة اشارة الى انعدام الحيلة والضعف في صفوف المعارضات، وعلى العكس مما يؤمل فإن المقاطعة الواسعة للاستحقاقات الانتخابية لن تقود الى اذكاء حالة من الفوضى والاضطرابات كما أملت بعض الأطراف من اضراب عمال ازويرات واكجوجت ولن تقود المشاركة في الانتخابات الجارية الى "العصيان المدني" كما طالب بذلك مؤخرا معارض بالخارج.
مجرد دعـوةٌ للمعارضة من أجل المراجعة
بقلم عبيد اميجن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق