الأربعاء، 15 أبريل 2020

الزائر الصيني يرغم القادة على الركوع





تقاسيم الرئيس الفرنسي في خطابه الموجه للأمة، يوم الاثنين، كانت تقاسيم رجل متعب، حفرتا عينيه اتسعتا..
إنه في معركة مع عدو من نوع خاص، اخترق التحصينات، وعاث في الديار فسادا..
فرنسا التي تعودت أن تكون هي من يحتل أراضي الغير مستباحة من طرف فيروس يحمل الجنسية الصينية..
سقطت باريس مطلع الأربعينات في يد النازيين، ولكن ديغول والفرنسيين الأحرار رموا حكومة فيشي التي كان يقودها المارشال بيتان في المزبلة..
ماكرون الشاب الذي بالكاد يخطو الخطوات الأولى في عقده الخامس، كواحد من أصغر القادة المنتخبين في العالم، يستعير حكمة الشيوخ وشمم وكبرياء الصعاليك، ويخاطب الفرنسيين أن واصلوا بقاءكم في البيوت شهرا ٱخر، الأمل موجود لكن الخطر قائم..
رغم الحكمة والصلابة المستعارين إلا أن في قسمات الولد الكبير - على حد تعبير الشعبوي ترامب - هناك انكسار لا تخطئه العين ولا الأذن، وإن قرأ خطابه من الكمبيوتر، حتى لا ينكس إلى الأرض في ظرف يتطلع فيه شعبه إلى أن يكون السند والقوة والملجأ الصلب.
اقتنع الفرنسيون بالمبررات التي ساقها إيمانويل، وقبلوا عن طيب قلب أن يتقوقعوا على أنفسهم شهرا ٱخر، رغم الفاتورة الضخمة لذلك..
سبق للرجل أن اتخذ تدابير موازية مؤلمة للخزينة الفرنسية، ولكن المواطن يبقى سيد كل خطة وهدف كل استراتيجية..
في الجانب الٱخر من الأطلسي خبت عينا الأرعن ترامب، وباتت مؤتمراته الصحفية اليومية تتراوح بين الحلم بالانتصار ووعيد الأمريكيين أن أياما سوداء تنتظرهم.
ترامب الذي كان في بداية مارس يتهكم على الفيروس الصيني، ويعتبره قصة بسيطة ستنحسر عن العالم مع أولى تباشير الربيع في إبريل الجاري، اضطر ليعلن في متتالية حسابية مؤلمة للأمريكيين ولايات الاتحاد الخمسين مناطق كوارث، في سابقة في تاريخ البلد.
أرغم الكوفيد ترامب على أن يجرب الحديث في مواضيع لم يصلها مستواه في الطب والبيولوجيا وعلم الأوبئة..
كما تكفل الضيف الثقيل بتأديب المتغطرس، أصبح يتحدث عن الصينيين، ويباكر سيد بيجين شي جين بينغ بالتحية في السابعة فجرا بتوقيت واشنطن دي سي..
ومن لم تؤدبه نفسه أدبه الأستاذ كوفيد..
الزائر السمج رغم فاتورته الثقيلة عالميا بشريا في المقام الأول واقتصاديا في المقام الثاني، سيكون من حسناته القليلة أنه سيضع نهاية لنوعية ترامب من الشعبويين؛ الذين حملتهم حماقات الناخبين ذات حظ عاثر للعالم إلى سدة الأمر والنهي..
نعود شرقا إلى القارة العجوز، وإلى الجزر البريطانية تحديدا، فقد تحسنت حالة بوريس جونسون صاحب نظرية مناعة القطيع، بعد أيام من دخوله العناية المركزية، والسبب الفيروس الصيني الأصلي غير المزور..
تحدث جونسون للبريطانيين قائلا ستفقدون أحبابا، وكاد المسكين أن يكون من المفقودين، أسبوعا بعد تهاوى نظرية المناعة الجماعية ودخول بريطانيا على خط الإغلاق الدولي، ولكن بعد أن سرت النار في الهشيم..
بوريس لن يكون أفضل حظا من صديقه ترامب، حيث من الوارد أن يلتحقا بقافلة السادة السابقين بعد انتهاء زمن الكورونا، فيما من المرجح أن يحمل الفرنسيون على الأعناق رئيسهم الشاب احتفالا بانتصار فرنسا على الكوفيد 19.
محمد ناجي ولد أحمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق