الأربعاء، 20 أبريل 2022

هذا ما كتبه الشيخ ولد مودي مدير موقع كيفه اينفو

 

رافقت والي لعصابه في زيارة قام بها في وقت سابق صحبة بعض رؤساء المصالح الجهوية أمنية ومدنية لبلديات ريف مقاطعة كنكوصه فبتنا في قرية تناها الحدودية.

كانت مواد الضيافة المرتبطة بالتبريد اللائقة بالوفد مستجلبة خلال النهار من القرى المالية المجاورة، وكانت تتراءى هوائيات الاتصالات وناطحات السحاب في الجانب الآخر، وعندما أقبل الليل كان الأفق على ذلك الجانب من الحدود مزين بالمصابيح فترسل أضواءها مشكلة أهلة فضية جميلة ، وكنا على الجانب الآخر في ظلام دامس وليل بهيم !

كانت الحياة تدب في الجانب الآخر بشكل مهيب وكان السكون والاستسلام للواقع البائس هو حالنا!

ولن تصدق أن البث المباشر الذي عمله فريق قناة الموريتانية المصاحب لوفدنا كان بواسطة اتصالات "أرانج" المالية!

وحين كنا نئن من وعثاء السفر، نظرا لصعوبة المسالك خلال ما يناهز 200 كم قطعناها إلى هذه القرية، كان الطريق المعبد يمد لسانه حتى آخر شبر على حدود الدولة الأخرى على بعد أمتار من قريتنا!

الشريط الحدودي على الجانب الآخر هو شبكات متصلة من الكهرباء والاتصالات والطرق، والمياه الصفوة ، ويشرب أهلنا في تناها كدرا وطينا!

لقد خجلنا جميعا من هذا الواقع المفضح، وهمس أفراد الوفد كل للآخر في شأن هذا الفرق الشاسع الذي لا مبرر له!

مئات القرى التابعة لجمهوريتنا تئن تحت وطأة العطش والعزلة وغياب خدمات الصحة والتعليم، وتقطعت بهم السبل وصاروا في الجحيم عندما أغلقت الحدود وتٌركوا إلى بلادهم.

في الجمهورية الأخرى التي تعيل قرابة 20 مليون نسمة ولا تقع على منفذ بحري وتقتصر مواردها على شيء من الفستق مكنت مواطنيها من الحاجيات الأساسية رغم أزماتها الأمنية وقلاقلها الأهلية.

ونحن بلاد الشاطئ الطويل والملايين الثلاثة والثروات الهائلة المتنوعة لم نوفر بعد 60 سنة من الاستقلال شربة ماء لمواطنينا!

جيراننا في الجمهورية الأخرى نجحوا في الإقلاع بتحقيق شيء من العدالة وحسن تسيير الموارد على شحها، ونحن فشلنا فشلا ذريعا حين كان الفساد ديدننا وسوء الحكامة منهجنا، والغبن والحيف سلوكنا!

لقد كانت ليلة تناها ليلة حزينة كشفت عن حجم الإخفاق الذي أصابنا وعن مستوى الفشل الذي حل بنا كدولة!

ليس هناك أي مواطن في الحدود الجنوبية يطمح لغير حال نظيره في قرى" جنجاكه" أو "لايه" أو أكننور" في الجانب القريب من الحدود!

إنه يكتفي بذلك السقف الذي لن يبلغه قطعا وحال البلاد يسير على هذا النحو.

اللهم أجرنا في مصيبتنا

إنا لله وإنا إليه راجعون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق