السبت، 18 نوفمبر 2017

التعديل الجديد يبرئ المرتد بمجرد اعلان توبته

مالا يفهمه كثيرون أن مشروع تعديل المادة 306 الجديد يثير معضلا أكبر من المعضل الذي جاء لحله، والعلة دائما الارتجالية والتعجل
فبالنسبة للردة القابلة للتوبة، كان المعضل أن التعزير المحال اليه فيها في حالة قبول التوبة لايتعدى حبس سنتين، فكان النص يقول : (وإن تاب قبل تنفيذ الحكم عليه رفعت قضيته بواسطة النيابة العامة إلى المحكمة العليا، وبتحقق هذه الأخيرة من صدق التوبة تقرر بواسطة قرار سقوط الحد عنه وإعادة ماله إليه،وفي جميع الحالات التي يدرأ فيه الحد عن المتهم بالردة يمكن الحكم عليه بالعقوبات التعزيرية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة)، والفقرة الأولى تنص على حبس أقصاه سنتان
لكن النص الجديد حذف هذه الفقرة، واكتفى بقوله (كل مسلم ارتد عن الإسلام صراحة، أو قال أو فعل ما يقتضي أو يتضمن ذلك، أو أنكر ما علم من الدين ضرورة، يحبس ثلاثة أيام، ويستتاب أثناءها، فإن لم يتب حكم عليه بالقتل كفرا وآل ماله إلى بيت مال المسلمين)، ولم يتحدث عن الحالة المعاكسة التي يتوب فيها المرتد
وتطبيقا لمبدأ الشرعية القاضي بأنه لاعقوبة إلا بنص، يصبح حكم المرتد الذي تاب البراءة
-------
والخلاصة أننا كنا أمام نص يعاقب المرتد الذي تاب بحبس تعزيري أقصاه سنتان، فأصبحنا أمام نص يبرئ المرتد بمجرد اعلان توبته


 ملاحظات سريعة على مشروع تعديل المادة 306 من القانون الجنائي:
1-مشروع التعديل هذا إذا صادق عليه البرلمان، وتم نشره وأصبح نافذا، لن ينطبق على نازلة ولد أمخيطير، لقاعدتي أن القانون لايسري بأثر رجعي، وأن القانون الأصلح للمتهم من بين القانون النافذ وقت ارتكاب الفعل، والقانون النافذ وقت المحاكمة هو الذي يجب تطبيقه
2-أضاف مشروع التعديل فقرة وحيدة تتعلق بعقوبة الساب، وجعلها القتل بغض النظر عن التوبة، -ربما فقط لامتصاص غضب الشارع- لكنه غفل عن الإشكالات الأخرى الكثيرة في هذه المادة والتي كثيرا ما يثيرها التطبيق، فهي من أكثر المواد إثارة للجدل بين القانونيين، والمحاكم شاهدة على ذلك
3-أخشى أن يكون تدخل المشرع لتعديل هذه المادة بإضافة هذه الفقرة تحديدا، سبيل لحمل المحكمة العليا على تأكيد قرار استئنافية انواذيبو، بإعتبار أن فيه اعترافا ضمنيا بأن نص الفقرة 2 من المادة 306 الذي كيفت به استئنافية انواذيبو هو المنطبق، وبالتالي يسد الباب أمام اللجوء إلى المادة 449، والرجوع إلى حكم الساب شرعا من خلالها
4-من الإشكالات التي كانت -وستظل بعد التعديل- أن المادة اوردت جريمة الردة دون أن تفصل في انواعها واختلاف ظروفها المشددة فالردة قد تصاحبها المجاهرة والدعوة الى التخلي عن الدين فتكون ظرفا مشددا في حالة درء الحد عن مرتكبها يتعين تشديد العقوبة التعزيرية عليه، بخلاف ما لو ارتد دون أن يجاهر أو يدعو للإرتداد
5-من الإشكالات أيضا أن المادة لم تحدد اجراءات الإستتابة ودرء الحد بها، وجهة الإختصاص في كل ذلك، بل إن التعديل حذف الفقرة المتعلقة بالتوبة قبل تنفيذ الحكم ، كما حذف الفقرة المتعلقة بالعمل في حال توبة المرتد أثناء الإستتابة مما يزيد الإشكال إشكالا
6- من الإشكالات أيضا أنها لم تحدد المقصود بانتهاك حرمات الله غير الداخل في جرائم الحدود، هل المقصود الانتهاك الذي هو من جنس الحدود (كمقدمات الزنى مثلا)، أم المقصود عقاب كل معصية (كالكذب مثلا) دو أن يتم حصرها، ومدى انسجام كل ذلك مع مبدأ الشرعية (لاعقوبة إلا بنص)
7-تعديل القوانين يأتي عادة استجابة لحاجة المجتمع، لكنه يتعين أن يسد كل الثغرات التي كانت مطروحة في النص، حتى لايكون مجرد ذر للرماد في العيون
8-مصادقة الحكومة على مشروع قانون يضيف عقوبة الإعدام حدا، يجب أن يكون مصحوبا بقدر من الشجاعة يمكن الحكومة من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في الحدود، بدل الإصرار على تعطيلها، وإلا فإن النص سيبقى مجرد نوع من العبث البارد، وقلم المشرع يجب أن يصان عن العبث



منقول من  صفحة المحامي محمد المامي مولاي اعل 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق