لم يفارق مخيلتي بعد أشهر خلت، ذالك المشهد الطريف والنادر الذي تابعته
من وراء الأضواء، يتعلق بخليفة منتظر!!، تحيط بتحركاته وسكناته عدسات كبري، تخضع بالولاء لأشرس إمبراطورية إعلامية مملوكة لأقوي حاكم عربي مستبد!!، ففي مؤتمره الصحفي سئل جمال مبارك _ الشاب المدلل والمغمور بحب السلطة والتسلط، تدفعه دولة احمد عز صاحب النفوذ المادي والمعنوي، والرجل القوي المتستر وراء ملكة البداهة والتملق، في قطر عربي من أقواهم من حيث
التعداد السكاني والكم المعرفي،_ من أحد الصحفيين الفضوليين إن كان فعلا
ينوي فتح حوار مع شباب "الفيس بوك" النشط في مصر، لم يتمالك جمال نفسه
من شدة الضحك أمام قنوات العالم، ساخرا في نفس الوقت، من السؤال
والمسئول عنه، فكانت حقا المرة الوحيدة حسب المصريين التي ضحك فيها جمال
مبارك والأخيرة أيضا !.. تذكرت الواقعة المثيرة وأنا أستمع بدافع الفضول
لحديث نائب من مشاهير الكتيبة البرلمانية الشرسة والداعمة للاستيلاء على
السلطة بالقوة، معلقا على ثورة شباب الفيس بوك في موريتانيا، لم يختلف
صاحبنا كثيرا عن سلفه الراحل، بقوله عن أي شباب تتحدثون قلة من الشباب
الشاردة مدعومة من المعارضة ويكفي تعداداها، وضحك ساخرا مسترسلا سمعتهم
يهددون بسقوط النظام فليفعلوا إن استطاعوا!!
حاولت أن أستخلص الدرس قليلا من حديثين متشابهين من شخصين مغمورين!!،
وتوصلت أخيرا إلي أن موريتانيا ليست فعلا كمصر ولا تونس وليست ليبيا
طبعا ولا اليمن حتما، فهي الدولة الوحيدة التي تختلط الأوراق فيها على
الساسة في التفريق بين مفهوم الدولة والحكومة!، الدولة الوحيدة التي لا
يميز النائب فيها بين منتخبيه والسلطة، الدولة الوحيدة التي استطاع
برلمانييها أن يخلقوا توأمة بين مؤسستين متناقضتين شكلا ومضمونا " الجيش
والبرلمان" !
الدولة الوحيدة التي تتوفر على أغنى ثروة في العالم وأغلاها ويوجد شعبها
مشردا بين الفقر والهجرة!، الدولة الوحيدة التي حطمت الرقم القياسي في
تعداد الرؤساء! الدولة الوحيدة التي يمتهن وزراؤها وبرلمانييها بصدق
سياسة التملق والخداع والنهب وتحطيم الرقم القياسي في الفشل السياسي
والاقتصادي في تسيرهم، البلد الوحيد الذي تكتظ مؤسساته بأميي الوسطاء
والسماسرة، في الوقت الذي توجد فيه الألف من حملة الشهادات الأكفاء
يكتوون بنار البطالة والتشرد والانهزامية!!، البلد الوحيد الذي تمنح فيه
قطع أرضية تماثل المقابر الجماعية لساكنته بخطاب من رئيس الجمهورية!
البلد الوحيد الذي ترقَعُ فيه شوارع العاصمة بعد إعلانها في مهرجان
جماهيري بين قوسين للأغلبية!، البلد الوحيد الذي توزع فيه " الياي بي"
بتعليمات من فخامة رئيس الدولة! البلد الوحيد الذي يتداول فيه أسهم
الأرباح بين معارضته ونظامه علنا خاصة ما يتعلق بالقضايا المصرية
كالوحدة الوطنية!، البلد الوحيد الذي يساوى فيه بين المواطنين
والمهاجرين!، البلد الوحيد الذي يخطو بحكوماته المتعاقبة ملايين الخطوات
إلي الوراء! .. وأخيرا ألا فهمتم الدرس يا شباب الفيس بوك؟؟
------------------------------------
مدون صحفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق