يرى معظم الدارسين أن المناهج التعليمية المطبقة في التعليم الجامعي تسعى لتحديد معيار جودة التعليم وتفوقه من بلد إلى آخر، قاصدين بتلك المناهج طبيعة المواد وفحواهم أي صلتها بالواقع وإمكانية تطبيقها،
نظرا لأهمية تطوير المنظومات التعليمية ومواكبتها للمناهج التعليمية العالمية، أي المقررات الجامعية (الدولية)، والبحث هنا في هذا الموضوع بحث يستقصي ما أمكن تلك الثغرات والنواقص التي ينبغي أن تولى أهمية من لدن المتخصصين والباحثين الجامعيين، الذين يسعون دائما إلى التسديد والتقويم لواقع يحتاج تظافر الجهود لإصلاحه.
وسأحاول معالجة الموضوع من ثلاث محاور:
- المناهج التعليمية
- الخدمات المقدمة (بين ما هو كائن وما يجب أن يكون).
- اقتراحات
المحور الأول- المناهج التعليمية
تشير الكثير من الإحصائيات إلى أن وجود باحثين بمعايير حديثة قادرين على العطاء في جميع المجالات وتقديم الحلول والاستشارات في مختلف الأصعدة، أمر كفيل بتميز الدفعات المتخرجة وانعكاس لجودة المناهج التعليمية المطبقة، فكلَّما كانت المناهج حديثة والقائمين عليها أكفاء، كلما كنا أمام أجيال أكثر إبداعا وتميزا، والعكس صحيح، وهذا أمر يتطلب جهدا من الإدارة المحلية، وتحت رقابة صارمة من الجهات الوصية.
مع أن بعض الباحثين في سلك ماستر قانون يفضلون السفر إلى الدول المجاورة والحصول على شهادة السلك الثاني (ماستر) في الفترة المحددة في النظم والقوانين المعمول بها هناك، رغم تكلفة ذلك، نظرا للفترة المضاعفة التي سيتخرجون فيها هنا، ويعزون الأمر إلى ضعف الرقابة من جهة، وتدني مستويات النجاح من جهة أخرى، وهو أمر يترك أسئلة متعددة ...؟؟؟
من بينها السؤال عن كيفية وصول هؤلاء الطلبة إلى هذه المرحلة الجامعية مع تدني مستوياتهم وقلة كفاءاتهم، لأنه إذا كان فصل كامل لا يستوفي منه إلا خمسة أشخاص فإن إغلاق الفصل وردهم إلى مستوى الليسانص خير وأكثر لهم نفعا.
أما إذا كان الأمر يرجع إلى غير الطلاب ومستوياتهم، فإنه يجب البحث عن الأسباب ومعالجتها قبل فوات الأوان.
ومن خلال ماسبق أرى أن نجاح التعليم الجامعي الذي أتحدث عنه يحتاج إلى أخذ الملاحظات التالية بعين الاعتبار:
الملاحظة الأولى: تعلمون أنه في الجامعات المغربية والتونسية، وحتى بعض الجامعات الحرة الموجودة في البلد كالجامعة اللبنانية الدولية مثلا يتم تحديد فحوى كل مادة من طرف المجلس العلمي تبعا لمتطلبات سوق العمل والتعليم الأكاديمي المعصرن، وبالتالي تحصل عند الباحث معرفة مسبقة بالبرنامج، فيبدأ البحث بنفسه في الكتب والمواقع الإلكترونية، لتأكده أن الامتحان لن يتجاوز تلك المحاور المقررة مسبقا.
وهو عكس الواقع في جامعة نواكشوط العصرية، وفي كلية القانون والإقتصاد على وجه التحديد، وهذا أمر يؤدي إلى نتائج خطيرة على المناهج التعليمية وعلى الطلاب منها:
* أن يتم التحديد من قبل أستاذ المادة، وفي هذه الحالة فقد لا يكون المحور المحدد مطابقا لما يجب أن يكون، خصوصا إذا تعلق الأمر بغير التمرسين في التدريس.
* عدم التحديد مطلقا، ويعني الأخذ من هنا ومن هناك، وهو أمر يجعل الطالب يختلط عليه الحابل بالنابل، ومن ثمة تقيد إرادة الباحث، ويكون أسيرا لحفظ إملاء من كتاب معين، ويجد نفسه ملزما بمذكرة أعدّها طالب أو أستاذ في جامعة ما...
وفي كل إضعاف لإرادة الباحث وعرقلة للسير المنتظم للدروس.
الملاحظة الثانية: وهي حاجتنا إلى التنظيم والانضباط، بحيث يتم تحديد البرنامج السنوي عند الافتتاح، بدءً بموعد إجراء الامتحانات العادية والاستدراكية، أو على الأقل تحديده بالنسبة لكل فصل لأن ذلك يؤدي إلى نتائج مهمة:
- الجدية من قبل مؤطري المواد، لأن التوقيت محدد وبالتالي ستنتهي المواضيع المقررة في تلك الفترة، وانعدام ذلك يؤدي - خصوصا في حالة عدم وجود رقابة على ما تم تقديمه - إلى توقف الدروس من قبل الإدارة، في الوقت الذي يكون ما قدم للطالب لا يمكن أن يمتحن فيه، ليترتب على ذلك رسوب العديد من الطلاب، ليس لأنهم غير جادين، بل لأن ما هو مطلوب منهم لم يقدم أو يناقش، وأحيانا لا يكون مما هو مقرر حسب ما يستشف من عنوان المادة.
- إلمام الطالب بالمادة المقررة والحرص على إكمال البرنامج في تلك المدة المحددة سلفا.
المحور الثاني: الخدمات المقدمة (بين ما هو كائن وما يجب أن يكون).
ويقصد عندي بالخدمات جميع الواجبات الممنوحة للطالب بالمفهوم الواسع، وتعني بالمفهوم الضيع الخدمات المقدمة للطلبة على جميع الأصعدة، خصوصا المعرفة المسبقة ببرمجة الحصص وعدد المواد وضواربها وشروط التجاوز، بالاضافة إلى المنح والسكن، وجعل الباحث في وضعية تمكنه من الاستفادة والافادة.
ويتم ذلك من خلال:
- جعل الباحثين (طلاب ماستر) في جو لائق، بدءً بقاعات نظيفة، ومكتبات مزودة بأحدث الكتب البحوث، والاشتراك في مجلات علمية إلكترونية تمكنهم من التعرف والاطلاع على مانشر فيها من بحوث ورسائل حديثة، تعالج قضايا حديثة.
بالاضافة إلى تزويد مكتبات الجامعة بشبكة إنترنت أكثر قوة.
- تعميم المنح على كل طلاب الماستر، والسكن اللائق.
المحور الثالث: خلاصة واقتراحات
سأحاول في هذه العجالة التي تمحورت حول واقع كلية العلوم القانونية والاقتصادية (إدارةً وطاقما تعليميا وطلابا)، أن أخلص إلى مقترحات مفيدة في نظري، وهي كالتالي:
_ ضرورة إعداد دورات كوينية سنوية لطلاب الماستر بإشراف من أساتذة أكفاء ولو من الخارج.
- جعل مناصب رؤساء الأقسام والمنسقين دورية: بحيث يتم اختيارهم لمدة محددة قابلة للتجديد في حالة أسفرت المأمورية عن جدية وتفانٍ في العمل.
- أن يكون من ضمن المعايير التي يختار طلاب ماستر على أساسها، ألا يكون الطالب قد حصل على الماستر سواء في الداخل أو في الخارج، لأننا لا حظنا في عملية الاختيار الماضية والتي قبلها استفادة بعض الزملاء الذين حصلوا على ماستر مسبقا ، وحتى بعض الذين وصلوا إلى مرحلة الدكتوراه.
الباحث: سيديا ول للاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق