لو شهد نابليون بونابرت مهرجان بتلميت الثقافي لأدرك صدقية مقولته القائلة بأن: "للنصر آباء كثر وأن الهزيمة نكرة". فقد كان النجاح الباهر الذي احرزه مهرجان بتلميت الثقافي نصرا آباؤه كوكبة مميزة من الشباب والشابات العصاميين المبدعين استطاعوا بمبادرتهم وصبرهم وقوة شكيمتهم وبتضحياتهم أن يصنعوا حدثا ثقافيا تميز في مقارباته ورؤاه واستشرافاته.
وحين أقول تميز أعني ما أقول.
ــ فقد تميز فى كونه مبادرة شبابية خالصة لا يقف خلفها أي فاعل محلي أو طني ولا يدعمها أي تيار من ممتهني الفعل السياسي ولم تواكبها أية جهة رسمية.
ــ تميز فى تعددية مشارب المبادرين وحيازة معظمهم لمؤهلات عملية معتبرة.
ــ تميز فى ديمقراطية مقارباته الثقافية مما مكن من تزاحم عقول شباب من مختلف المشارب والمستويات وأثمر ذلك فعلا ثقافيا احتضنته مدينة قدرها أن تنتب الأفكار الجديدة.
ــ تميز فى أنه لم يكن مهرجان بتلميت المنكفئة على نفسها المتقوقعة على حقائقها العميقة المستسلمة لما أسقط عليها من صور نمطية جائرة، بل كان مهرجان الوطن الموريتاني بكل مدنه وقراه وبكل فسيفسائه الاجتماعية، وأخاله لامس البعد الإقليمي التكاملي لكل منطقة الشمال والغرب الافريقية.
ــ تميز بمستوى العروض والانعاشات والنقاشات الجادة وبجرءة الطرح ودقة زوايا المعالجة وسلاسة التعاطي مع القواسم الثقافية المشتركة ومع انسيابية الزمن الماضي والحاضر والمستقبل.
ــ تميز بكونه استقطب جمهورا داخليا وخارجيا معتبرا.
ــ تميز بدقة التنظيم وبأجواء الهدوء والسكينة فقد كانت مجرياته رغم انعاشاته الفلكلورية الصاخبة أحيانا بمثابة لحظات خشوع وتأمل وتفكير هادئ رغم سخونة القضايا المطروحة.
ــ تميز بأنه التظاهرة الثقافية الجهوية الأولى التي تغيب عنها السلطات الإدارية والأمنية من تلقاء نفسها دون مبررات مقنعة وأعطى ذلك مؤشر نحاج آخر فبإرادة الشباب والسكان الذين احتضنوا التظاهرة منذ الوهلة الأولى سار كل شيء على ما يرام من البداية إلى النهاية.
ــ تميز في كونه أسس لبناء ثقافي تنموي جاد وحرر مارد الثقافة من قمقم الساسة.
ــ تميز بكونه خاتمة مسك للأحداث الثقافية الوطنية لسنة 2017 وفتح لها آفاقا واعدة خلال 2018 وما بعدها.
ــ وفى مجال التميز تملي متطلبات الموضوعية أن ننوه بالتغطية المهنية المميزة لقناة الموريتانية التي غطت المهرجان وساهمت في انجاحه.
اليوم أطفأ مهرجان بتلميت شمعته الأولى وهي شمعة فعل ثقافي أضاءها الشباب بدل أن يلعنوا ظلام الركود وتنتظر بتلميت وينتظر الوطن كله من فريق المهرجان الناجح مواصلة المشوار لإنجاز أعمال ثقافية أخرى تنفع الناس وتمكث فى الأرض، فالمهرجان كان بمثابة الخطوة الأولى على طريق الألف ميل وبشائر نجاحاته تنير آفاق المستقبل.
وما نيل المقاصد بالتمني ***** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
أحمد مصطفى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق