الجمعة، 29 مايو 2020

مقابلة رئيس لجنة حقوق الإنسان الموريتانية مع موقع اسباني


أجرى احمد سالم ولد بوحببني رئيس لجنة حقوق الانسان الموريتانية مقابلة مع موقع اسباني جاء فيها:

"الأرقام التي يتم ترويجها عن العبودية في موريتانيا بعيدة عن الواقع، وعلى الغرب عدم تصديقها"

يعتبر أحمد سالم ولد بوحبيني، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحد أبرز المهتمين بتطوير حقوق الانسان في العالم وإفريقيا وفي بلده موريتانيا على وجه التحديد.
ولد بوحبيني هو نقيب سابق للهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين، ورئيس سابق للمؤتمر الدولي للمحامين ذوي التقاليد المشتركة، وقد اشتهر بنضالاته في الدفاع عن الحريات، ومكافحة الإفلات من العقاب، إضافة الى كونه أحد أشهر المطالبين بالتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان، والدفاع عن الحريات العامة. وقد تم تكريمه في عدة مناسبات دولية، ومؤخرا سلمه السفير الإسباني في موريتانيا خيسيوس اغناثيو سانتوس اغوادو الميدالية الشرفية لنقابة المحامين في مدريد  كما استقبل مؤخرا وفدا من وكالة حقوق الانسان الاسبانية.

منصة مدريد التقته خلال تواجده في إسبانيا وأجرت معه المقابلة التالية

سؤال:
ظهر أخيرا مقال مثير للجدل في موقع "أوروبا برس" تحدث عن قصة صادمة بخصوص ممارسات الإسترقاق في موريتانيا، حيث ذكر كاتب المقال، انتونيو سولا، أن المرشح السابق لرئاسة موريتانيا بيرامه الداه اعبيدي أطلعه على قصة زواج ابن من أمه المملوكة لوالده، وإنجابه منها، علي اعتبار أنها ملك له بفعل ملكية والده لها.
هذه صورة صادمة من العبودية، إضافة الى الأرقام المهولة التي يتحدث عنها الحقوقيون في بلادكم. هل يمكنكم أن تعطوا الرأي العام الإسباني والأوروبي تصوركم حول وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا وخاصة مشكل الرق؟

جواب:
لا شك أن مشكل العبودية في موريتانيا كان سببا في نشر الكثير من القصص والروايات والتعليقات التي جعلت بعض الإعلاميين والساسة الغربيين يعتقدون بأن موريتانيا عبارة عن غابة تمارس فيها أبشع مظاهر الهمجية.
شخصيا، قلت أمام البعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، في العاشر من ديسمبر الماضي، أنه قد حان للغرب أن يصحح نظرته عن العبودية في موريتانيا، فموريتانيا ليست أكبر بلد يمارس فيه الرق في العالم، ولا توجد فيها أسواق لبيع العبيد، ولا يوجد فيها عبيد مكبلون بالسلاسل، ولا توجد فيها نسبة 20% من العبيد كما هو منشور على الانترنيت. إنها مغالطات لا تخدم الحقيقة، ولا تخدم محاربة الرق الذي نسعى إلى تجاوزه بآليات وأساليب وإجراءات عديدة.
وعلى كل حال، فأنا أؤكد، كما أكدت في العديد من المناسبات، أن العبودية توجد منها حالات في موريتانيا التي ورثتها، كباقي بقاع العالم، عن قرون خلتْ كانت فيها هذه الظاهرة مسألة جد عادية.
لذا قررت الحكومات الموريتانية إنشاء محاكم لردع ممارسة الرق وإصدار أحكام ضد الإسترقاقيين، كما اتفقت مع الأمم المتحدة علي خارطة طريق لمحاربة مخلفات الرق، ورخصت لمنظمات من بينها واحدة باسم "نجدة العبيد"، مما يدل على اعتراف بوجود الظاهرة في موريتانيا ونية التصدي لها، لكن الظاهرة موجودة في موريتانيا كما هي موجودة في العالم بأسره، لا أقل ولا أكثر. فوجودها في تاريخ كل بلد جعل في كل بلد بقايا ومخلفات وانعكاسات وهشاشة وفقر وجهل وحالات استرقاق واستغلال. فاليوم توجد في العالم، حسب الإحصائيات الموثوقة، قرابة 40 مليون مسترق بما في ذلك الدول الغربية. من بين الدول من تسمي ما يوجد لديها من حالات بالرق العصري، ومن بينها من تسميه بآثار الرق، ومن بينها من تسميه بالمتاجرة بالرقيق، ومن بينها من تسميه باستغلال الإنسان والمتاجرة بالأشخاص، وقليلة جدا هي تلك التي لا توجد بها حالات من الرق التقليدي.
إن الترويج للمبالغات بشأن الرق في موريتانيا لا يخدم محاربة الرق في البلاد. إن ما يخدم محاربة الرق هو أن يساهم النشطاء الحقوقيون الموريتانيون في تطبيق المقاربة التي تعتمدها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وتتبناها الدولة، وأن يكونوا شركاء فعليين في الخطط الهادفة إلى القضاء على الرق ليس من خلال تهويله، ولكن من خلال التعامل معه على حقيقته وبحجمه الحقيقي. كما تمكن خدمة محاربة الرق من قبل الدول الصديقة لموريتانيا بدعم مجهودها الوطني وإجراءاتها القانونية والتنموية الهادفة إلى معالجة الحالات الموجودة والمساعدة في الرفع من المستوى التعليمي والصحي والسكني والوظيفية للمواطنين لأكثر هشاشة.
إن لدى موريتانيا ترسانة قانونية مكتملة شهد أكبر المدافعين عن حقوق الانسان، حتى المعارضين منهم، على أنها مثالية. إذن النصوص موجودة، ولا يبقى إلا بذل مجهود مشترك لتطبيقها. لذلك نظمنا، في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، قافلة جابت موريتانيا طولا وعرضا بغية تفقيه الناس حول حقوقهم القانونية، وترسيخ فكرة أن الاسترقاق يعدّ جريمة ضد الإنسانية.

سؤال:
كيف ترى ما تقوله المنظمات الحقوقية من كون السلطات تتجاهل مطالبهم ؟
جواب:
الحقيقة أنني أتفق مع المنظمات الحقوقية على وجود حالات من الرق معزولة، واتفق معها على وجود ملفات لم يتم التعامل معها بالصرامة الكافية، واتفق معها في عدم تعاطي بعض الجهات القضائية والإدارية مع موضوع الرق ومع الشكاوي المتعلقة به كما ينبغي، لكنني لا أتفق مع هذه المنظمات في الصورة التي ألصقوا بأذهان الدوائر الغربية حول حجم وطبيعة ظاهرة الرق في موريتانيا، فهي صورة لا تمت إلى الواقع بأية صلة لأنها مبنية على المبالغة.
وإنني هنا، من خلال صحيفتكم الموقرة، أدعو الغرب، حكومات وإعلاما ومنظمات، إلى تصحيح مفاهيمه الخاطئة عن ملف الرق في موريتانيا، كما أدعو، مرة أخرى، لزيارة البلاد بغية الإطلاع المباشر على الحقائق، وعلى المنظومة القانونية، وعلى أسلوب معالجة الموضوع قضائيا واجتماعيا وتنمويا، والوقوف على ما يمكن أن يكون لدينا من اختلالات و نواقص في هذا السياق.
ولأن الجميع مصر على طي ملف الرق طيا نهائيا، فقد قررنا في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القيام بقافلة ثانية، ندعو المنظمات الموريتانية مجددا، وممثلي المجتمع الدولي في موريتانيا، والإعلام الغربي والمنظمات المهتمة للمشاركة فيها والعودة بالخلاصات المتحصل عليها على أرض الواقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق