السبت، 12 مايو 2018

أنا والصحافة وولد ازوين ..

 

كنت تلميذا في ثانوية كيفة في تسعينات القرن المنصرم.. وكنت أقضي شهرا من العطلة الصيفية في العاصمة نواكشوط .. وكنت في تلك السنوات قد دخلت عالم الكتابة والبحث ..

الكتابة ، وأقصد أنني أصبحت أكتب المقالة الواصفة، ومقالة الرأي انطلاقا من مشاهداتي وانطباعاتي عن بعض مظاهر الحياة ..
وأذكر أنني كتبت وأنا في ثانوية كيفة مقالا ما زلت أحتفظ به الآن عن فهمي لصورة المسلم والعربي في السينما الامريكية وذلك من خلال مشاهدتي لفيلم ( قوة الدلتا) وهو فيلم من بطولة شاك نوريس يحكي عن عملية تحرير رهائن أمريكيين في بيروت ...
الفيلم شاهدته ضمن ما شاهدت أنا ورفاقي على شاشة الرجل الفاضل ( دمبا صودا) وهو رجل فاضل من أعيان المدينة كان يوفر لنا في منزله سينما مجانية .. حيث يعرض الافلام الاسلامية والهندية والاوربية والصينية والامريكية معتمدا على مولد كهربائي في مرآبه..
يومها لم يكن بالمدينة أي كهرباء ...
مشاهدتي لدور العربي المسلم في الفيلم أثار عندي مشاعر مختلطة وقد عبرت عن ذلك في مقال ما زال بحوزتي.

أما المقالات الأدبية فأتذكر من بداياتها مقالا إشكاليا، وهو عبارة عن حوار متخيل بين نزار قباني والكاتبة مي زيادة حول قضية المرأة..
وبالنسبة للبحث فكان أول بحث شخصي لي وليس ضمن واجب مدرسي هو عمل عن الشاعر عمر أبو ريشة بدأته عندما اطلعت على مقال عنه كتبه صديقه نذير فنصة ونشر في مجلة الشراع اللبنانية وهي مجلة توصلت لأعداد منها عبارة عن جائزة حصل عليها شقيقي باباه إثر فوزه في مسابقة شعرية عن عيد الاستقلال..
شدني مقال نذير فنصة وظلت فكرة الكتابة عن أبي ريشة تراودني وكنت أجمع ما أحصل عليه من معلومات عنه عن طريق بعض أغلفة دفاتر الزملاء التلاميذ .. إلى ان استمعت لتقرير مفصل عنه بمناسبة رحيله بثته اذاعةًالـ BBC ومن يومها شرعت في كتابة البحث، وبعد مدة من المسايرة قدمته في مناسبة ثقافية لنادي ( مشعل الثقافي ) وذلك في فندق الاستاذ عبدي ولد اسماعيل رائد العمل الثقافي يومها.
أعود للبداية ..
أصبحت مهووسا بالكتابة وبدأت أتشوف للكتابة في الصحف وكان حلمي أن أرى اسمي مكتوبا على صفحات جريدة ما ..

وفي يوم من أيام العطلة في العاصمة وانا القادم من أعماق الداخل..كنت مدمنا على زيارة المركز الثقافي الليبي ( قرأت فيه كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع كاملا) .. وكنت أقيم في في مقاطعة الميناء .. وذات يوم وانا أتجول قرب محلاتها على الطريق الرابط بين وقفتها الرئيسية ووقفة عرفات لاحظت اسم ( جريدة السفير) معلقا بين محلات حلاقة ودكاكين بيع اشرطة .. لم أتردد في الدخول ..
ولجت الى داخل حائط واسع تتناثر فيه بعض الغرف .. ومباشرة طرقت باب الغرفة الأقرب .. كان ذلك اول لقاء لي بالعميد محمد عبد الرحمن ولد ازوين .. عرفته بنفسي واكتشفت ان له صداقة مع شقيقي باباه..
المهم انني أخبرته عن مواهبي في الكتابة وأني أطمح لأن ينشروا لي شيئا ..
طلب مني العميد أن أريه نماذج من كتاباتي .. فقدمت له مقالا كتبته قبل ايام من وصولي العاصمة بعنوان (موريتانيا بلاد المليون شاعر أ م المليون تاجر؟) وهدفي منه أن يكون مخصصا للنشر على نية البحث عن صحيفة تنشره لي.
كان محمد عبد الرحمن وقتها شابا أنيقا، نظيفا، وبشارب كث وسيجارة لا تفارق محياه.. وكان جاد الملامح وصارما أمامي على الأقل.. كان يذكّرني بهيبة الأساتذة الأُوّل..
قرأ المقال ولم يتردد في إحالته الى النشر .. وكم كانت فرحتي عارمة وأنا أرى حلمي يتحقق أمامي .. ومن ذلك اليوم تبناني ولد ازوين اعلاميا واصبحت عضوا من اسرة السفير وفي كل عطلة انصم تلقائيا للطاقم ..
كان ذلك في منتصف التسعينات حيث بدايات الاعلام الموريتاني ما بعد دستور العشرين يوليو..
كان اسم السفير يومها يكتب باللون الاسود وفوق حرف الياء حقيبة حمراء تشير الى البعد الدلالي للوسم.
احتضنني ولد ازوين ولم يكلفني ما يتطلب منه منحي راتبا او تعويضا فقد كان دوري هو أن أكتب ان شئت وإن لم أشأ فلا حرج، خاصة وأن فترتي في العاصمة قصيرة جدا..
وللأمانة لم افكر يوما في الراتب او التعويض واعتقد ان ذاك الجيل يومها كان مثلي .. فقد كان جيلا يعمل في ظروف مالية وفنية ولوجستية خاصة، كان منتهى الطموح عندي ان أكون كاتبا في جريدة وان يزاحم اسمي اسماء مشهورة آنذاك..
وهذا ما حققه العميد محمد عبد الرحمن ولد ازوين .

اليوم بلغني ان استاذي يعاني وعكة حرجة في عينيه .. أتمنى أن تنهض الدولة بواجبها تجاه هذه الشخصية التي ساهمت في خلق صحافة وطنية وعضت عليها بالنواجذ الى يومنا هذا ..
أتمنى ان يتم الاسراع في علاجه ومداواته..
كما اقترح على الزملاء الصحفيين في النقابة والرابطة وخارجهما القيام بحملة مساهمة في علاج العميد محمد عبد الرحمن بالطرق التي يرونها مناسبة.
وشخصيا جاهز ومستعد لأي خطوة في ذلك الاتجاه.

الدكتور الشيخ سيدي عبد الله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق