كنت نبهت سابقا ضمن مداخلات علمية متعددة أنه إذا لم نفتح نقاشا نخبويا رسميا حول " الثقافة الموريتانية " تشارك فيه كافة الأعراق والشرائح المكونة لمجتمعنا، فإنه سيأتي ذلك اليوم الذي ينتهي فيه الحديث عن الاستعباد كممارسة، ليظهر الجدل الحاد حول الاستعباد كثقافة.
اليوم يتم الاحتجاج على مثل شعبي كان المجتمع يستخدمه بطريقة عفوية دون أن يثير أي حساسية .
(الناس بيظان والديگة ماه خالگه)، هذا مثل حساني له قصة عادية جدا، ولا علاقة له بصراع الشرائح.
ضف إلى ذلك أنه لا ينتمي لعصر تشطير البيظان إلى فسطاطين.
الاحتجاج على استخدام هذا المثل سيفتح الباب أمام اشكالات ثقافية كثيرة ..
فالأمثلة المرتبطة بالثقافة الضيقة لشريحة ما كثيرة ومتعددة..
وهي خاضعة لمدلولات لا دخل فيه للبعد العنصري أو الطبقي، فأحيانا تدل على الفضل والاحسان والجمال، وليست بالضرورة نتاج خلفية اثنية متعالية..
ف( احزام الكورية) مثلا يرمز لظاهرة مناخية خريفية قمة في الروعة..
ولو عدنا الى الشرائح الأخرى سنجد في ثقافتها أمثلة كثيرة عن البيظان ولحراطين وغيرهم.
أما لو اتجهنا الى الفن والشعر فماذا نحن فاعلون بآلاف النتاجات الفنية والشعرية التي تستحضر أسماء الشرائح، تمجيدا أحيانا وهجاء أحايين أخرى.
ماذا نحن فاعلون باستحضار تيمة الاختلاف الشرائحي في شعر العزل؟
إننا اليوم أمام نقاش ثقافي بحت .. وهو نقاش حميد لو تمكنت النخبة من فتحه وإدارته بعيدا عن الضغوطات الذاتيةوالاديولوجية وما تعنيه من احكام مسبقة.
بحاجة إليه لندرك أن الثقافة صمام أمان، وليس فتيلة نار..
والسؤال الأهم :
كيف نتعامل مع تراث ثقافي كبير لمختلف الاثنيات، لم يكن ليجد يوما غضاضة في ذكر الشرائح .. وهو تراث مخلد في الشعر والغناء والرقص ..
إن التعامل مع قضايا العبودية كممارسة فعلية، ليس بالضرورة هو التعامل مع الشرائحية كنتاج ثقافي أو فكري أو إبداعي.
من صفحة الصحفي الدكتور الشيخ سيدي عبد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق