الثلاثاء، 10 يناير 2017

قصاصة من مذكراتي في موريتانيا رقم 54


رحلة موريتانيا نهاية عام 2016 م من 24 تشرين الثاني – 23 كانون الاول :
بعيد قدومي من سورية في حزيران 2015 م الى بروكسل كان لدي متسع من الوقت - ان لم اقل فائض منه لأتابع هوايتي المستجدة الا وهي الكتابة –


ولم أشأ ان اكتب فيما دأبت على ممارسته الكتابة في التربية وعلم النفس لان الكتابة بالعربية هنا في بروكسل لن تكون مجدية – بل قد تكون مفيدة - لكني لا اعرف دهاليزها – اما النوع الآخر الكتابة للصحف : ايضا لم يشدني هنا في اوربا – وقد تكون الاقدار هي التي دفعتني الى الكتابة في الفي سبوك –
فقد كتبت من قبل كتابا من ستمائة صفحة عندما كنت في سورية بعنوان ( حياتي) وقد كتبت فيه عن ست عقود من حياتي- بدأتها بقصة حياتي متسلسلة زمنيا – ثم انتقلت الى نوع آخر في مرحلة اخرى – وهو اسلوب الومضات – وقد اضطررت اليه كي لا ابذل كثيرا من الجهد والوقت لاكون صادقا مع ذاتي ( هل هذا الخبر هو السابق ام ذاك وهو امر في غاية الصعوبة وخاصة اني اكتب احداثا لم اوثقها في حينه بل اكتبها بعد عشرات السنين من حدوثها) واقصد بالومضات قصة او حادثة وقعت معي في مكان ما في زمن ما واحاول ان تكون الومضات متقاربة في الزمن – وقد ضمنت الكتاب فترة وجودي في موريتانيا – لكني كتبتها باسلوب يختلف عن اسلوبي في كتابة القصاصات التي عرفتموها –
ولم يكن الكتاب مثل كتبي العشرة الاخرى معدا للنشر بل طبعت نسخة واحدة على الورق وطبعت نسخا اخرى على الاقراص المدمجة تركتها لتقدم لكل ولد نسخة بعد رحيلي – ويبقى الكتاب الورقي في مكتبتي – ولم اتابع في كتابة العقد السابع بسبب ماحدث في سورية من مآسي ؟
كنت افكر في سورية دائما ان اكتب كتابا خاصا عن ذكرياتي في موريتانيا – لان فترة موريتانيا كانت بالنسبة لي الاكثر عطاء في الفن – ولان عمري في تلك الفترة وجسمي كان الاكثر شبابا وقوة فترة وجودي في موريتانيا – 
لذلك قررت عند قدومي الى بروكسل انه قد آن الاوان لفعل ذلك – أي لكتابة هذا الكتاب – وقد استبدلت تسمية الومضات التي استخدمتها في كتابي ( حياتي ) بتسمية جديدة هي القصاصات – وما كان مني الا ان اعود الى الفي سبوك الذي كنت ادخله نادرا في سورية قبل الاحداث – اما خلالها فلم تكن الكهرباء ولا النت متوفرتان في المكان الذي اخترته سكنا خارج مدينة حلب – وقد خصصت بالواقع تلك الفترة للتعبد والتأمل والعودة الى الطبيعة والبساطة من اجل نسيان وتجاهل ما كان يحدث وانا هو من يعرف وبدقة متناهية ابعاده الانسانية والفكرية والسياسية والاقتصادية بعيدا عن كل ما حملته تلك الفترة من أغلفة ملونة حسب رساميها – ومن اعلام يستطيع ان يؤثر في كثير من الناس – اما انا كمتابع لاحداث العالم منذ اواخر خمسينات القرن الماضي في الوطن العربي وافريقيا وشرقي آسيا وجنوبها الشرقي ووسطها وفي اوربا شرقيها وغربيها وفي امريكا اللاتينية والقارة الاميركية كلها - اعرف تتابع سير الاحداث بعيد الحربين العالميتين – وتتابع الاحلاف الاستعمارية او المناهضة لها 
فيكون الكذب عليّ في غاية الصعوبة –
عفوا عن خروجي عن الموضوع لكنني اريد للقارئ ان يعيش احاسيسي الآنية ويكون معي داخل افكاري –
اذاً لقد اردت ان اكتب مرحلة موريتانيا من حياتي بطريقة القصاصات – وكان ذلك عن طريق الفي سبوك –
في البدايات واجهت صعوبة هي ان الكثيرين من عشاق فني اما توفوا يرحمهم الله – او انهم كبروا عن الاستماع – او انهم اعتقدوا ان الكاتب باسم فريد حسن قد لا يكون هو فريد الذي يعرفون – فالبعض اعتقد او سمع انه توفي – وقد حاورني الكثيرون يومها وارادوا مني ان اثبت لهم انني حقا فريد حسن الذي عرفوه في موريتانيا 
كما ان الكثيرين جدا ممن يماثلونني سنا لايستخدمون النت او الفي سبوك واذكر ان عدة اصدقاء على الفيس ساهموا معي وبذلوا مجهودات مشكورة ليؤكدوا للقراء ان مخاطبهم هو فريد حسن نفسه الذي كان معهم في اواخر سبعينات واوائل الثمانينات من القرن الماضي – وبدأ عدد الاصدقاء يتزايد يوما بعد آخر ومع كل قصاصة جديدة يهجم العشرات على الصفحة طالبين صداقتي منهم اصدقاء قدامى من الواقع الحقيقي ومنهم وهم الاكثرية اصدقاء في الواقع الافتراضي – كثيرون من اصدقائي الحقيقيين الواقعيين كأحمدو ولد عبد القادر او كابرهاشم او احمد ولد بياه او احمدو مياح وعشرات غيرهم لم اتواصل معهم رغم اني بحثت عنهم وسالت من يعرف عنهم وذلك بسبب عدم استخدامهم الفيس او النت ولم اعرف شيئا اكيدا عنهم الا خلال وصولي الى نواكشوط وسوف احدد بدقة كيف كان لقائي بكل منهم في قصاصاتي اللاحقة – بينما تمكنت من التواصل منذ البدايات مع بعض اصدقائي مثل الحسن ولد مولاي علي – ومختار لسان الدين – ومحمد سالم ولداه – وقد كانت تعليقات اصدقائي الواقعيين الحقيقيين وأصدقاء الواقع الافتراضي وحواراتهم معي بل التواصل على الواتس أب سببا لتجديد صداقات قديمة ونشوء صداقات فعلية جديدة –
وقد كان لصديقي القديم محمد سالم ولد داه دور لا يمكنني نسيانه في تعريف سعادة السفير الموريتاني في بروكسل بانني في بروكسل والذي قام بدعوتي مرارا الى السفارة الموريتانية في بروكسل بل دعوتي الى منزله لمقيل موريتاني اصيل – كما استمرت الاتصالات بيننا ولحنت لصديقي محمد سالم اغنيتين واحدة في العام الماضي عن المولد ( بشرى لنا في الموعد شهر النبي محمد )وقد لحنتها ويدي اليمنى مكسورة وفي الجبصين – مضاف اليها اني كنت خارجا من اول عملية لشبكتين في شرايين القلب – كما لحنت من شعره اغنية ثانية قبيل قدومي الى نواكشوط بعنوان قصيدة الشوق (لقد طال عهدي بكم من سنين وطال البعاد وطال الحنين )وهي من الاغاني التي سجلتها في الفي سبوك بتاريخ 20 تشرين الثاني أي قبيل سفري الى نواكشوط باربعة ايام – وقد وعدني في بدايات تواصلنا وتجديد ماكان بيننا من صداقة تعود الى عام 1990م عندما جئت الى نواكشوط في زيارة دامت ثلاثة اشهر حينها – وعدني قبل نيف وسنة بانه سيحاول جهدة ان يؤمن لي دعوة لزيارة موريتانيا – وقد كان عند وعده عندما قام وبالتعاون مع مجموعة من الشباب الموريتانيين في المغترب من ارسال بطاقة الطائرة – وقبلها بقليل كنت قد تواصلت مع صديقي احمد العبيد الشاعر الغنائي الذي لم يكن يستخدم الفي سبوك – تواصلت معه قبل قدومي الى موريتانيا بشهرين – وقد اتصل به اخي محمد سالم وعرض احمد العبيد انه سيقدم لي الاقامة في فندقه المسمى فندق ( الراحه) وهكذا توفر النقل ذهابا وايابا وتوفرت الاقامة بل زاد عليها صديقي احمد العبيد المواصلات فقد ابدى استعداده لتامين انتقالي طوال فترة وجودي في نواكشوط وهكذا صار كل شيء جاهزا كي اعود لرؤية اهلي وجمهوري الغالي في موريتانيا من جديد بعد ان غبت عنهم ربع قرن والى قصاصة قادمة باذن الله نتابع فيها النزول في مطار ام التونسي في نواكشوط والى ذلكم الحين استودعكم الله – 
دمتم للفنان فريد حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق