يُحاوِلُ الإعلام الغربي دفْنَ وإخفاء بعض الحقائق المهمّة لمن يريدُ متابعة الملف الغامبي بموضوعيّة ومسؤوليّة:
1- لم نعُد نسمع كلمة واحدة عن الانتخابات الحرّة والعادلة والديمقراطية والشفافة التي تمّ تنظيمها في ظلّ حُكم يحي جامّي، والتي أفضت إلى فوز مرشّح المعارضة السيد آمادو بارو؛ هذا الانجاز ينبغي ألاّ يُنْسى وألاّ يُضربَ به عرض الحائط؛ بل العكس، يجب أنْ يبقى حاضرا في الأذهان بصفة كونه إنجازا كبيراً للحكومة الغامبية السابقة. والكلام هنا مُوجّه لأولئك الذين يتحدّثُون عن الرئيس آمادو بارو متناسين أنّه جاء نتيجة انتخابات منظمة بإشراف يحي جامّي؛ وكأنّهم يُعطون "أجرَ" الانتخابات لبارو ويضعون "وزرها" على جامي الذي نظّمها بنجاح...ذلكم هو الإعلام الغربي عندما يقرّر "شَيْطَنَةَ"(diabolisation) نظام أو رئيس؛ لم يشفع لجامي كونه نظّم انتخابات نزيهة واعترف بخسارته؛ هذا في الوقت الذي يتعامل فيه العالم "الحُر" مع رؤساء "غيروا الدساتير وزوّروا الانتخابات ويحكمون مدى الحياة؛
2- لم نعُد نسمع كلمة واحدة عن اعتراف يحي جامّي بنتائج هذه الانتخابات معلنا خسارته ومهنّئا منافسه بفوزه واللجنة المشرفة على الانتخابات،،، وقد تكرّر ذلك على لسانه في كلّ خطاباته الرّسمية التي تناقلتها وسائل إعلام محليّة وأجنبيّة. وكانت الأحوال مستقرّة، والأمور تسيرُ بهدوء في طريقها إلى تناوب سلمي على السلطة بين الرجليْن قبل أن ينفجر الشارع الغامبي والسينغالي معاً بالتهديد والوعيد والانتقام والمطالبة بمحاكمة الرّجل "المارق" وحرق صُوَره في الشارع، إلخ،،، في إساءة واضحة لمبادئ السلم والديمقراطية. وهكذا، أرْغِمَ يحي جامّي على التّراجع عن قبوله بالنتائج، واتّجه صوب القوانين الغامبيّة عساهُ يجد مخرجا وحماية؛ فقدّم طعنا أمام المحكمة العليا، ثم أعلن حالة الطّوارئ، ثمّ طلب التمديد 3 أشهر من البرلمان... ولم يلجأ للقمع أو استخدام القوة ضد منافسه أو غيره؛
3- ولا يخفى على أحد أنّ تلك التهديدات والتصرّفات الطائشة التي انطلقت من السينغال وغامبيا في آن واحد كانت بمثابة حرب نفسيّة أدّت عن قصد أو غير قصد لاستفزاز الطّرف الخاسِر وقلب الطّاولة على جوّ الهدوء والسّكينة الذي عقب إعلان النتائج واعتراف الخاسِر بخسارته واستعداده للتنحي عن السلطة لصالح منافسه. وهو الفخ الذي وقع فيه يحي جامي وأنصاره، وجرّ شبه المنطقة إلى نزاع ما كان ليقع لولا التأزيم من الخارج. هذه أول مرّة في التاريخ (ربّما) نشاهدُ انتخابات عادلة ونزيهة، تحظى بقبول ورِضا الجميع... تؤولُ إلى أزمة بهذا الحجم ! ولكنّ السينغال، ومن ورائها الغرب، كانت مصرّة على اعتقال ومحاكمة ذلك "المخلوق" الذي منح غامبيا اسم "الجمهورية الإسلامية"، وقرّر فيها ترسيم اللغة العربيّة، وتجرّأ على حمل المصحف الشريف و"السّبحة" في المحافل الدوليّة في تَحَدّ واضح لحضارة الغرب وثقافته وذَوْقه؛
4- بناء على هذه الحقائق، أعتقد أنّ جهات غير مسؤولة أساءت إلى غامبيا وإلى أمنها ووحدة شعبها لأغراض غير معلنة. إنّ ما شهدته الساحة هذه الأيام من دعوات لإحياء الكيّان "السينغامبيّ" (Sénégambie)، واستخدام العنف والانتقام ضد يحي جامّي وأعوانه رغم اعترافه بالخسارة وتهنئته لمنافسه كان كافيّا لتعقيد الأوضاع وتدْويل الملف (internationnalisation) و خلق ظروف ملائمة للتدخلات العسكرية... والأمر لا يزالُ على ما هو عليه من إصرار على التدخل والاحتلال بحجة "تأمين" الرئيس الجديد حتى بعد مغادرة سلفه وخصمه في إطار حلّ توافقي أشرف عليه رئيسا دولتيْن مهمّتيْن في المنطقة وبمباركة أو علْم الأمم المتحدة ومجموعة دول غرب إفريقيا، وبالذات بمباركة الرّئيسين مكّي صال وآمادو بارو؛
5- أعتقدُ أنّ موضوع الأزمة في غامبيا لم ينتهِ بعد...ولا مناصّ من العودة إليه في القمة الإفريقية القادمة بطلب من حكومتنا وغينيا ودوّل أخرى. وفي الختام، أقولُ بأنّ المصلحة الوطنية تقتضي بقاء موريتانيا عامل سلم وتوازن وتهدئة في شبه المنطقة، وأنْ تحرص كلّ الحرص على صداقتها مع مجموعة غرب إفريقيا عمومًا والسينغال خصوصًا دون أنّ يمسّ ذلك من حضورها بحزم وعزم في كلّ تفاصيل هذا الملف كطرف معني ومهتم بمساره ومآلاته...إنّ بقاء السينغال وحدها في غامبيا من شأنه أنْ يفجّر، ولو بعد حين، نزاعات عرقية وقبلية واسعة النطاق بالإضافة إلى إشعال النار المشتعلة أصلا في ربوع غامبيا وكازمانص (Casamance) لتمتدّ إلى الجوار. هل يُعقل أن يقبل الانفصاليّون الكزمانسيّون بتطويقم عسكريّا هكذا ببساطة من قِبَل السينغال، وسدّ المتنفّس الوحيد المتاح لهم؟ وهل تقبل المعارضة الغامبيّة الجديدة بالاحتلال المُقَنّع؟ وهل ؟ وهل ؟ وهل؟ والأسئلة كثيرة !؟
وزير خارجية موريتانيا السابق محمد فال ولد بلال
1- لم نعُد نسمع كلمة واحدة عن الانتخابات الحرّة والعادلة والديمقراطية والشفافة التي تمّ تنظيمها في ظلّ حُكم يحي جامّي، والتي أفضت إلى فوز مرشّح المعارضة السيد آمادو بارو؛ هذا الانجاز ينبغي ألاّ يُنْسى وألاّ يُضربَ به عرض الحائط؛ بل العكس، يجب أنْ يبقى حاضرا في الأذهان بصفة كونه إنجازا كبيراً للحكومة الغامبية السابقة. والكلام هنا مُوجّه لأولئك الذين يتحدّثُون عن الرئيس آمادو بارو متناسين أنّه جاء نتيجة انتخابات منظمة بإشراف يحي جامّي؛ وكأنّهم يُعطون "أجرَ" الانتخابات لبارو ويضعون "وزرها" على جامي الذي نظّمها بنجاح...ذلكم هو الإعلام الغربي عندما يقرّر "شَيْطَنَةَ"(diabolisation) نظام أو رئيس؛ لم يشفع لجامي كونه نظّم انتخابات نزيهة واعترف بخسارته؛ هذا في الوقت الذي يتعامل فيه العالم "الحُر" مع رؤساء "غيروا الدساتير وزوّروا الانتخابات ويحكمون مدى الحياة؛
2- لم نعُد نسمع كلمة واحدة عن اعتراف يحي جامّي بنتائج هذه الانتخابات معلنا خسارته ومهنّئا منافسه بفوزه واللجنة المشرفة على الانتخابات،،، وقد تكرّر ذلك على لسانه في كلّ خطاباته الرّسمية التي تناقلتها وسائل إعلام محليّة وأجنبيّة. وكانت الأحوال مستقرّة، والأمور تسيرُ بهدوء في طريقها إلى تناوب سلمي على السلطة بين الرجليْن قبل أن ينفجر الشارع الغامبي والسينغالي معاً بالتهديد والوعيد والانتقام والمطالبة بمحاكمة الرّجل "المارق" وحرق صُوَره في الشارع، إلخ،،، في إساءة واضحة لمبادئ السلم والديمقراطية. وهكذا، أرْغِمَ يحي جامّي على التّراجع عن قبوله بالنتائج، واتّجه صوب القوانين الغامبيّة عساهُ يجد مخرجا وحماية؛ فقدّم طعنا أمام المحكمة العليا، ثم أعلن حالة الطّوارئ، ثمّ طلب التمديد 3 أشهر من البرلمان... ولم يلجأ للقمع أو استخدام القوة ضد منافسه أو غيره؛
3- ولا يخفى على أحد أنّ تلك التهديدات والتصرّفات الطائشة التي انطلقت من السينغال وغامبيا في آن واحد كانت بمثابة حرب نفسيّة أدّت عن قصد أو غير قصد لاستفزاز الطّرف الخاسِر وقلب الطّاولة على جوّ الهدوء والسّكينة الذي عقب إعلان النتائج واعتراف الخاسِر بخسارته واستعداده للتنحي عن السلطة لصالح منافسه. وهو الفخ الذي وقع فيه يحي جامي وأنصاره، وجرّ شبه المنطقة إلى نزاع ما كان ليقع لولا التأزيم من الخارج. هذه أول مرّة في التاريخ (ربّما) نشاهدُ انتخابات عادلة ونزيهة، تحظى بقبول ورِضا الجميع... تؤولُ إلى أزمة بهذا الحجم ! ولكنّ السينغال، ومن ورائها الغرب، كانت مصرّة على اعتقال ومحاكمة ذلك "المخلوق" الذي منح غامبيا اسم "الجمهورية الإسلامية"، وقرّر فيها ترسيم اللغة العربيّة، وتجرّأ على حمل المصحف الشريف و"السّبحة" في المحافل الدوليّة في تَحَدّ واضح لحضارة الغرب وثقافته وذَوْقه؛
4- بناء على هذه الحقائق، أعتقد أنّ جهات غير مسؤولة أساءت إلى غامبيا وإلى أمنها ووحدة شعبها لأغراض غير معلنة. إنّ ما شهدته الساحة هذه الأيام من دعوات لإحياء الكيّان "السينغامبيّ" (Sénégambie)، واستخدام العنف والانتقام ضد يحي جامّي وأعوانه رغم اعترافه بالخسارة وتهنئته لمنافسه كان كافيّا لتعقيد الأوضاع وتدْويل الملف (internationnalisation) و خلق ظروف ملائمة للتدخلات العسكرية... والأمر لا يزالُ على ما هو عليه من إصرار على التدخل والاحتلال بحجة "تأمين" الرئيس الجديد حتى بعد مغادرة سلفه وخصمه في إطار حلّ توافقي أشرف عليه رئيسا دولتيْن مهمّتيْن في المنطقة وبمباركة أو علْم الأمم المتحدة ومجموعة دول غرب إفريقيا، وبالذات بمباركة الرّئيسين مكّي صال وآمادو بارو؛
5- أعتقدُ أنّ موضوع الأزمة في غامبيا لم ينتهِ بعد...ولا مناصّ من العودة إليه في القمة الإفريقية القادمة بطلب من حكومتنا وغينيا ودوّل أخرى. وفي الختام، أقولُ بأنّ المصلحة الوطنية تقتضي بقاء موريتانيا عامل سلم وتوازن وتهدئة في شبه المنطقة، وأنْ تحرص كلّ الحرص على صداقتها مع مجموعة غرب إفريقيا عمومًا والسينغال خصوصًا دون أنّ يمسّ ذلك من حضورها بحزم وعزم في كلّ تفاصيل هذا الملف كطرف معني ومهتم بمساره ومآلاته...إنّ بقاء السينغال وحدها في غامبيا من شأنه أنْ يفجّر، ولو بعد حين، نزاعات عرقية وقبلية واسعة النطاق بالإضافة إلى إشعال النار المشتعلة أصلا في ربوع غامبيا وكازمانص (Casamance) لتمتدّ إلى الجوار. هل يُعقل أن يقبل الانفصاليّون الكزمانسيّون بتطويقم عسكريّا هكذا ببساطة من قِبَل السينغال، وسدّ المتنفّس الوحيد المتاح لهم؟ وهل تقبل المعارضة الغامبيّة الجديدة بالاحتلال المُقَنّع؟ وهل ؟ وهل ؟ وهل؟ والأسئلة كثيرة !؟
وزير خارجية موريتانيا السابق محمد فال ولد بلال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق