الأحد، 12 مارس 2017

الواتساب و مجتمعنا

ماذا يحدث يرد هذا السؤال عادة في اللغة الإنجليزية استفهاميا وهو مادفع مخترعا أوكرانيا فقيرا يدعى جان كوم إلى إطلاق إسم " واتساب" على تطبيقه للمراسلة الذي حوله إلى ملياردير بعد أن باعه بتسعة عشرمليار دولار لشاب آخر يدعى مارك زوكلبرغ مالك شركة فيسبوك ، لكن تطبيق الواتساب الذي كسر حواجز المألوف في العلاقات الإنسانية، لم يجد صعوبة في تطويع مجتمع بدوي لم يألف الجدران وكانت خيمته المفتوحة من الجهات الأربع عنونا للانفتاح دون تنازل عن التقاليد البدوية الصارمة في حرصها على أخلاق المجتمع وعصمته من الزلل وخلاعة عصر التكنولوجيا التي زرعها تحت مسميات، مثل الحرية والانفتاح والجرأة في الطرح. في مجتمعنا "المحافظ" دخل الواتساب دخول الفاتحين لكنه على مايبدو جاء ليعشعش ويستقر ويسلب العقول والألباب ويكاد أن يدمر مابقي من عرى لهذا المجتمع.

لست من محبي نظرية المؤامرة وأعلم علم اليقين أن التكنولوجيا ومنها الواتساب هي قدر لامفر منه، لكن ما أراه وأسمعه من قصص تصم الآذان وفضائح بطلها دائما الواتساب يجعلني أضع اليد على القلب خوفا من المستقبل. لم يعد السؤال "واتساب "استفهاميا في حالة مجتمعنا على الأقل أصبح من اللازم طرحه بالصيغة الاستنكارية، ماذا يحدث بسبب الواتساب؟ لماذا لانكسر جدار الصمت عن الغسيل العفن الذي بات ينشر عبر الواتساب، لا أتحدث هنا عن الغيبة والنميمة لأنها ثانوية مقارنة بكوارث الواتساب الأخرى، على سبيل المثال لا الحصر قاصرون وقاصرات يتبادلون الصور الخليعة والرومانسية الزائفة ويبحثون عن متعة حرام كان الواتساب عرَّابها ووسيلتهم في الوصول إليها، كسر الجدران وغيب سلطة الأب التقديرية وحرم الأمهات من معرفة أهواء وأنماط تفكير أبنائهم المهوسين بالواتساب والذي لا يخيب لهم أملا. كثيرة هي حوادث الاغتصاب التي بدأت بالرسالة الشهيرة"وني بيك" وانتهت بجروح نفسية وجسدية غائرة وعصية على كل علاج، استرسل المراهقون في ترديد أسطوانات الكذب بالمجان على مسامع أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا، ولأن مستوى التثقيف شبه معدوم بات بإمكان ابنت الجيران التي لم تكمل بعد ربيعها الخامس عشر أن تكون على علاقة غرامية مع شاب خريج سجون ويتعاطى المخدرات والخمور لأنه ببساطة استخدم الواتساب ليقتحم عالم الفتاة اليافعة ويسمعها من معسول الكلام ماردده أبطال المسلسلات التركية على مسامع البطلات.
منحه الواتساب السلطة والقوة ليغرر بالصبية ويحول نفسه من مجرم يافع على الطبيعة إلى فارس أحلام فتاة ساذجة أما بقية القصة فمعروفة "رسالة فابتسامة فموعد للقاء!. طبعا ستواجهونني بالسؤال المعهود، ماذا نفعل إنه لايستشيرنا؟ الواتساب يقتحم عالمنا دون استئذان فماذا نحن فاعلون؟ أرد عليكم بأن دولا كثيرة ومنها بريطانيا وكندا واليابان وضعت قيودا حقيقية على استخدام القاصرين لوسائل التواصل الاجتماعي خاصة الواتساب وتعاقب شركات الاتصال التي لاتنفذ لائحة طويلة من الضوابط القانونية التي تفرض على من يحمل هذه التطبيقات وأولها أن يتجاوز عمره ١٦ عاما كما أنها تعاقب بأشد العقوبات البالغين الذين يستخدمون هذه الوسائل للتغرير بالقاصرين تصل حد السجن ل ١٥ عاما كما هو الحال في اليابان مثلا التي تعد مهد للتكنولوجيا الرقمية. في كندا مثلا تلزم جميع شركات الاتصال بالامتناع عن بيع شرائح الهواتف الذكية لغير البالغين ويعاقب القانون كل المخالفين يضع عليهم الغرامات الباهظة. مانحتاجه الآن هو ترسانة قانونية توازي هذا المد الجارف لوسائل التواصل الاجتماعي التي يعد الواتساب ركنها الأهم والأكثر خطورة برأي والأشد فتكا بهذا المجتمع المسكين الذي انتقل فجأة من بداوة مفرطة إلى حضارة مغرقة في السذاجة لاتعترف بالحدود ولاتستشير أوتستأذن لتدخل كل الأبواب.
ما نحتاجه أن يفهم الآباء وتفهم الأمهات أن عهد الرقيب التقليدي انتهى،وأن حفظ الأنفس والولد يبدأ من الاطلاع على محتوى الهاتف وأن الهاتف في يد القاصر في معظم الحالات مفسدة مطلقة فاعتبرو يا أولي الألباب.
حنان محمد سيدي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق