ذكرت في مقال سابق حول مسألة التعديلات الدستورية الجارية ، ان مبادرة رئيس الجمهورية لتعديل الدستور لا تحتاج دستوريا الى المرور بالبرلمان ، وان كانت من الناحية السياسية قد تتطلب -
بالنظر الى حجم الخلافات المثارة حول مضمون بعض هذه التعديلات - كل الضمانات السياسية التي تؤكد على وجود قبول شعبي محسوم ولا لَبْس فيه حول خيار ادخال تلك التعديلات على الوثيقة الدستورية ، وبالتالي أهمية ان يصار الى تاكيد ذلك القبول اولا من خلال مصادقة نواب الشعب في الغرفتين على مشروعها وثانيا من خلال الموافقة باغلبية الشعب عليها عبر استفتاء شعبي او مؤتمر برلماني٠
وبما ان رفض الشيوخ الأخير بغالبية ٣٣ صوت من أصل ٥٦ للمصادقة على مشروع تلك التعديلات الدستورية يعني رفضا لمسطرة التعديل عبر البرلمان ، بل ويشكل ابعد من ذلك في نظر المناوئين عنوانا بارزا لأزمة سياسية ودستورية مستحكمة تطل برأسها من جديد على النظام الحالي ، فإن قراءة متأنية في مآلات هذا الرفض وفي سبل تجاوز الاشكالات السياسية التي يطرحها ، تدفعنا الى الخروج بالملاحظات والاستنتاجات التالية :
- الملاحظة او الاستنتاج الاول ان النظام وان لم يتمكن سياسيا من حشد الدعم الكافي لضمان تمرير مشروع التعديلات الدستورية عبر مصادقة مجلس الشيوخ باغلبية ٢/٣ ، الا ان ذلك لا يعني دستوريا عجزه عن المضي قدما في مسار التعديل ، وان كان هذه المرة يجب ان يتم عبر اللجوء المباشر لآلية الاستفتاء الشعبي ، حسب ما يقضي به عموم نص المادة ٣٨ من الدستور ، القاضي بانه يمكن لرئيس الجمهورية ان يستشير الشعب عبر استفتاء شعبي حول كل القضايا ذات الأهمية الوطنية ، ونص الفقرة الاولى من المادة ٩٩ من نفس الدستور القاضي بانه " يمتلك كل من رئيس الجمهورية والبرلمان حق مبادرة تعديل الدستور "٠
- الملاحظة او الاستنتاج الثاني ان من مصلحة النظام ان يتعامل مع موقف مجلس الشيوخ باعتباره ملمحا دالا على نضج التجربة الديمقراطية في البلد اكثر من كونه مؤشرا على الخروج عن طاعة ولي الامر في ظل استمرار اعتماد البعض على تكريس منطق المقاربات النمطية الشمولية القائمة على استمراء مقولات الولاء والبراء ٠
ولعل من مقتضيات هذا الموقف السليم ان يفتح النظام افقا جديدا لحوار وطني شامل وان يعمد الى حشد المزيد من التأييد لدعم خياره في تمرير التعديلات الدستورية بصورة توافقية تضمن لها قبولا اكبر من جميع الفرقاء الوطنيين ٠
ولعل من مقتضيات هذا الموقف السليم ان يفتح النظام افقا جديدا لحوار وطني شامل وان يعمد الى حشد المزيد من التأييد لدعم خياره في تمرير التعديلات الدستورية بصورة توافقية تضمن لها قبولا اكبر من جميع الفرقاء الوطنيين ٠
- الملاحظة الثالثة هي ان النفخ في شراع التأزيم ، كما يمتهنه البعض من هذا الطرف او ذاك لن يؤدي الا الى المزيد من توتير وتفخيخ الوضع السياسي العام للبلد وفتحه على كل الاحتمالات ، بعيدا عن مسارات الحلول التوافقية للإشكالات العالقة ٠
د/ محمدو محمد المختار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق