الأحد، 19 مارس 2017

بهدوء ...من أجل موريتانيا


تتميز الساحة الإعلامية العالمية والمحلية منها، بطغيان التواصل الاجتماعي بمختلف شبكاته ، وانزواء المواقع و المدونات وكل أدوات الاتصال التي تتطلب جهدا تحريريا، وراء جدار المسؤولية القانونية عن النص المنشور.

ومن آثار ذلك ،الإيجابية ،شُيوع المعلومة ،بل مشاعيتُها، و تحررُ القارئ من وصاية المُوَّجِّه الإعلامي والوَصي السياسي ، حزبا كان أو جماعةً؛
أما السالبة فسنختصرها في الأهم وهو انعدام المسؤولية الأخلاقية أو القانونية عن أي منشور،بسبب استحالة التحكم والسيطرة، حيث باتَ بإمكان أيٍّ كان أن ينشر باسم مستعار،في أغلب الأحيان ،أو صريحٍ مجهولٍ ، أحيانا أخرى، ما شاء عن من شاء باللغة التي يتقن و العبارات التي تشفي غليله،وبث الرسالة التي يود إبلاغها، أمام سكان المعمورة، متى وأنى أرادَ دون قيد أو شرط.
وليست الأوطان والدول سواء في مفاعيل هذه الحالة ،فالمجتمعات المتقدمة تملك من الوسائل و النظم ما يحمي الأعراض و يوفر الكرامة للأفراد ،و الحقوق للمؤسسات، بالإضافة إلى تجاوز مجتمعاتهم بدائيةَ الحزازات و ارتباكَ العلاقات و هشاشةَ البنيات التي نعاني منها.
إن أي نقاش بين موريتانييْن اثنيْن قد ينكأ ألف جرح خَبيئٍ من ميراث السيبة يبدأ بالعائلة ولا ينتهي بالقبيلة والجهة والشريحة والعنصر والطريقة والمقدس ولا يسلمُ منه حتى المأكل و المشرب و تضاريس الأرض.
ولأن الآباء المؤسسين ،جازاهم الله خيرا و سامحهم، قد قرروا ، وفيها كل الخير، أن يُوَّحدوا،قبلَ أن يُمدِّنوا أو يُمَدْيِنوا، جمعنا الكريم ليشرب معًا ،بسلام ،من المنهل الذي كان يتقاتل عليه، دون كبير تمهيد تربوي فكري مدني يبدل الموروث السالب بالحديث الموجب،فقد ظل الصراع يطفو و يخبو،تبعًا للمزاج العام المرتبط بتنامي دور الدولة ،قوةَ
وضعفًا ،في ردِّها على الأسئلة المصيرية الكبرى التي تلِحُّ بوتيرة متسارعة الإيقاع والخطورة على الكيان و مكوناته.
ولعل أخطر مفترق مرَّتْ به المجموعة أو الأمة أو الكيان ،هو هذا الذي تستقيل فيه النخبة بتنازلها عن المنطق الجامع والخطاب المُوَّحِّد(بكسر الحاء) ونزولها إلى مستنقع التنابز القبلي و المحتدي والشرائحي القابع في حمأة المسكوت عنه ،وليس أسوأ وقعا ولا أبخس نتيجة ولا أنتن رائحة من المسكوت عنه عندما يُعلن..
إن ما وصل إليه التراشق الإتصالي ،بيننا ،من هبوط في مؤشر احترام المخالف ، يُنذر باتساع الخرق حيث لا راتق ، ولابدّ من الاحتكام إلى مصلحة البلاد و أدبيات الاختلاف و أدوات الاجتهاد ،التي تجيز الاختلاف لأجل الوطن لا عليه، مما يتطلب منا جميعاً الاحتكام إلى الحد الأدنى التالي:
• احترام خيارات كل طرف ورموزه
• حرمة الأعراض والخصوصيات
• تحريم وتجريم الخطاب العنصري و الشرائحي والقبلي والعائلي و المذهبي.
• احترام أسس و أدبيات النظام الجمهوري
من هنا وبناء عليه فليدعُ كلٌّ إلى رؤيته و فريقه بالحكمة والموعظة الحسنة.
فهل ما زلنا قادرين على كبح هذا الهبوط الجارف...

ناجي محمد الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق