تُوثق سجلات إرشيف منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) جميع مراحل ومحطات مسيرة هذه المنظمة القارية المشتركة، منذ تأسيسها يوم 25 مايو 1963 بأديس أبابا عاصمة إثيوبيا.
ومن ضمن تلك المحطات العديدة في تلك المسيرة المضطربة أحيانا، نجد أبرز الأحداث والتطورات التي ميزت فترة تولي الرئيس الموريتاني الراحل، المختار ولد داداه، الرئاسة الدورية لمنظمة الوحدة الإفريقية من 23 يونيو 1971 إلى 15 يونيو 1972؛ والتي اتسمت بإحراز مكاسب دبلوماسية وفوائد اقتصادية وامتيازات إستراتيجبة لصالح الدول العربية في صراعها ضد إسرائيل، ودول الساحل الإفريقي في مواجهة أعتى موجة جفاف تشهدها منذ الاستقلال، وكذلك منطقتي المغرب العربي وإفريقيا الغربية.
صادقت قمة أديس أبابا في يونيو 1971 على قرار يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي وتطبيق قرارات منظمة الأمم المتحدة بهذا الخصوص؛ وكلفت الرئيس الدوري الجديد، المختار ولد داداه (موريتانيا) بإجراء الاتصالات الضرورية من أجل ضمان تطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن قضية الشرق الأوسط.
في 24 أغسطس الموالي، قررت منظمة الوحدة الإفريقية تشكيل لجنة حكماء ضمت 10 من قادة الدول الأعضاء، لدراسة الموضوع وتم تكليف لجنة حكماء مصغرة من أربعة رؤساء؛ هم: ليوبولد سيدار سينغور (السينغال)، يعقوب غوون (نيجيريا)، أحمدو هايدجو (الكاميرون) وموبتو سيسي سيكو (زائير) بالتوجه إلى مصر وإسرائيل بغْية طرح أسئلة على الطرفين وبدأت الاتصالات ميدانيا في القاهرة والقدس، خلال الفترة ما بين 2 و 8 نوفمبر 1971. ثم قامت اللجنة الإفريقية ذاتها بمهمة ميدانية أخرى من 21 إلى 23 من نفس الشهر.
وفي ديسمبر 1971 سلم المختار ولد داداه تقريرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة تضمن تحليلا شاملا للردود الأسرائيلية والمصرية على استفسارات لجنة الحكماء الإفريقية؛ مع ستة مقترحات تهدف لقيام معاهدة سلام بين طرفي الصراع طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 242 بهذا الخصوص.
على مستوى منطقة الساحل الإفريقي، أقرت منظمة الوحدة الإفريقية، في بداية العام 1972، إنشاء صندوق خاص لمساعدة بلدان شبه المنطقة في مواجهة كارثة الجفاف التي حلت بها آنذاك؛ وَقاد ولد داداه حملة دبلوماسية لدى مختلف الشركاء الدوليين، وخاصة المجموعة الاقتصادية الأوروبية (الاتحاد الأوروبي لاحقا)، وبعض دول الخليج العربية، ومجموعة الـ77؛ تكللت بتقديم مجمل تلك الأطراف مساعدات معتبرة للبلدان الإفريقية المتضررة ومن ضمنها موريتانيا.
أدت تصريحات منسوبة للرئيس الغيني أحمد سيكو توري إلى تفجير أزمة دبلوماسية بين هذا البلد وجمهورية السينغال المجاورة؛ حيث ثارت حفيظة الرئيس السينغالي ليوبولد سيدار سينغور الذي اعتبر تلك التصريحات «جارحة، وغير مناسبة»، فبادر الرئيس ولد داداه بزيارة كوناكري ودكار وإقناع توري بسحب تصريحه والاعتذار لسينغور الذي التزم بعودة الأمور إلى طبيعتها بين السينغال وغينيا.
وقبيل انقضاء فترة رئاسته للمنظمة القارية استحاب كل من الرئيس الجزائري هواري بومدين والعاهل المغربي الملك الحسن الثاني لوساطة ولد داداه بإنهاء الخلاف الحدودي بين البلدين المغاربيين؛ ليتم التوقيع على اتفاقية ثنائية بهذا الخصوص على هامش قمة منظمة الوحدة الإفريقية الموالية في الرباط بتاريخ 15 يونيو 1972؛ والتي لم يكن بومدين ليحضرها لولم يتم التوصل لاتفاق التسوية برعاية الرئيس المختار ولد داداه.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق