الأحد، 17 يونيو 2018

إن الأم التي تهز المهد بيمناها تهز العالم بيسراها (نابليون)



وا.. أحمداه ...

هذا عنوان قصيدة كتبت منتصف الثمانينات خلال انتفاضة الناصريين في موريتانيا.. إبان حكم الرئيس هيداله.
القصيدة كتبها الشاعر الدكتور يحي رلد محمدن الهاشمي كمحاولة لتسجيل حادثة مقتل زميله التلميذ أحمد ولد أحمد محمود الذي توفي تحت التعذيب بمعتقله في أطار في 03 مايو 1984
يبني الهاشمي قصيدته على أساس واقعي، يروي كيف تلقت والدة التلميذ أحمد خبر وفاته تحت التعذيب، وكيف حدثها قلب الأم بأن خطبا ما جرى، وذلك عندما مرت بالمقابر صباح الجمعة واكتشفت قبرا جديدا ندي الثرى بين القبور، وكان ابنها احمد قد تم اختطافه من منزله يوم الخميس عندما داهمت المنزل قوة أمنية، عاثت في كل شيء واقتلعت الأبواب من إطارها..
يقول الهاشمي مسجلا تلك اللحظة :

بين أذان الفجر والاقامة
سيارة تنتهك الهدوء
والكرامة
توقفت بصورة مفاجئة
دورية؟
دقات عنف مرعبة
تقتلع الأبواب من إطارها
وتفرز القلوب من صدورها
وتزرع الارهاب في حقل الأمان
لاشك أنهم لصوص، مجرمون
أو شرطة الأمن- النظام
تلاحق القرع بعنف مذهل
تحطم الباب البريء
اندفعوا : يا أحمدا
كان خميسا داميا وقانيا
كان خميسا هيبانا وجبانا
.... فتوارى برهة حتى جلته الجمعة
وكل يوم فاضح لأمسه
شأن الزمان

عندما مرت الأم الثكلى بالقبر الجديد ساورتها الشكوك .. يصف الهاشمي حيرتها :
مرت بشرطة النظام
قالت لهم بلهجة دافقة الأمومة:
ناشدتكم
ألا رأيتم ولدي؟
ألا رأيتم ولدي أحمدا؟
ورددت في نفسها مسموعة :
يا أحمدا ..
يا ولدي....
بين الشكوك والرجاء
إذ غشيتها صاعقة قالوا لها (البركة فيك)
لم تستطع فحوى الخطاب
فكذبت سماعها
لكنهم عادوا لسكب الصاعقة:
(البركة فيك ولتكوني مؤمنة)
فتمتمت بلا شعور :
مؤمنة؟! لا .. آمنة.

كنت قد تناولت هذه القصيدة بالتحليل في عمل نقدي سابق حول الشعر الحركي في موريتانيا، وألقيتها كاملة (هي طويلة) في إحدى حلقات برنامج الصفحة الأخيرة..
اليوم أتذكرها وأنا أرى دموع الأم المكلومة التي فاجأها الأمن بخبر وفاة ابنها دون أن يمنحوها أي جواب على أسئلتها.. لا يهمني ما قيل عن ماضي ابنها ولا ما ذكره بحقه وزير الداخلية، يهمني أن الشيء بالشيء يذكر وبأن قلب الأم لا يخطئ.
يقول نابليون :
"إن الأم التي تهز المهد بيمناها، تهز العالم بيسراها ...".

صفحة الدكتور الشيخ سيدي عبد الله على الفيس بوك 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق