السبت، 21 يوليو 2018

مستشار للوزير الأول يحكي قصته مع لصوص وقع في شركهم




مساء 31 دجمبر 2011 كنت متوجها إلى صديقي الذي كان حاكما لمقاطعة الرياض بولاية نُواكشوط لأقضي معه بعض الوقت خارج صخب المدينة و أضوائها ليلة رأس السنة، كان السيد الحاكم يسكن في حي الترحيل حديث النشأة و كان الطريق الموصل إلى هذا الحي موحشا و محاطا ببعض المناظر الجميلة خصوصا أن الليلة صادفت "ليلة بدر"...
استهواني المنظر فأوقفت السيارة و بدأت أسير على قدمي نحو ربوة على مقربة من الطريق، و فجأة ظهر ثلاثة شبان و بدأوا يسيرون بخطى ثقيلة باتجاهي ، و بدأت أشعر بأن الأمر ليس بريئا و أن فيه "إن" و فكرت في كل الاحتمالات و ما هي إلا لحظات حتى أخرج الشبان سكاكينا و طلبوا مني أن أرفع يديّ أستسلاما لهم.
بعد الانصياع لأوامرهم أدخلوا أياديهم في جيوبي و أخرجوا مبلغ سبعين ألف أوقية قديمة كانت بحوزتي فطلبت منهم أن يتركوا لي منه شيئا لئلا أدعهم يفكرون في أمر آخر و لأجعلهم يعتقدون أن الأمر غير مفاجئ بالنسبة لي...
توجهت إلى السيارة و أحكمت إغلاقها و حاولت أن أطاردهم بها لكن عدم توفرها على نظام دفع رباعي و وجود أتربة رملية منعاني من تلك المحاولة...
اتصلت بالحاكم الذي اصطحب مفوض الشرطة على الفور بعد أن أخبرته بما جرى و حددت له مكان الحادثة.
طلب مني المفوض أن أتقدم بشكوى، و أنهم سيقومون بما يلزم و أن هذه حوادث تقع في كل أنحاء المدينة، و أنه لا داعي للتسرع، و أن المسألة المهمة هي السلامة، فعلينا أن نحمد الله على ذلك لأن هؤلاء مراهقون يستعملون حبوبا مخدرة و مهلوسة و يمارسون هذه الأنشطة الإجرامية باستمرار يقول المفوض ...!!
قررت أن أقوم بعملية البحث بمفردي فقد ضبضت ملامحهم و سمعت أحدهم ينادي الآخر باسمه المستعار "بابيس"...
صبيحة اليوم الموالي أخذت سلاحي الشخصي المرخص و تمنطقت بلثامي و بدأت أبحث في المناطق التي أعتقد أنها مظان للعثور على هؤلاء، و بعد يومين من البحث وقعت عينايا على شخصين يشبهانهما إلى حد كبير و يرتديان نفس الملابس، بدأت أقترب منهم و ألمس مكبح السيارة برجلي و أنظر بعيون يرفعها وجود السلاح الشخصي، و كنت في نفس السيارة التي يعرفانها، بدأ الشابان ينظران و يشيران إلي بالنزول من السيارة في خطوة "تكتيكية" حينها تأكدت أني عثرت عليهما و أنه تم العثور عليهما، وفجأة وقعا في ارتباك شديد و دخلا على محل للصوتيات

 دخلا على محل للصوتيات في منطقة التماس بين مقاطعتي الرياض و عرفات تعلو من مكبرات الصوت المثبتة أمام بابه أصوات صاخبة تعكس هواية مرتاديه لموسيقى "الراب" كما تضع الستائر المسدلة عند المدخل إشارات استفهام حول طبيعة الممارسات و النشاطات التي تتم داخل جدران المحل !!
اتصلت بالحاكم و أخبرته بأني أمام محل للصوتيات حددت له موقعه و أكدت له بأن اثنين من الشبان بداخله و أن عليه أن يخاطب المفوض...
حضر الحاكم و المفوض، و استفسرني المفوض عن مدى تأكدي من معرفتهم لئلا نقع في محذور و نتهم آخرين لا علاقة لهم بالموضوع...
تحملت مسؤولية الاتهام، و طلبت منه إخراجهم لكن المفوض اعترض بحجة أن هذه دائرة أخرى لا تتبع لمجال تخصص مفوضيته الجغرافي، فطلبت منه مخاطبة مفوض المنطقة التي يتبع المحل لاختصاصها مع تفسيري له أن الشرطة مطالبة بمتابعة اللصوص و مداهمة، خصوصا أنه كان أول من باشر عمليتهم الإجرامية...!!
اقتنع الحاكم بما قاله المفوض و انصرفا بعد أن يئسا من إقناعي بالتخلي عن الموضوع، و بعد تفكير و انتظار و تأمل قررت أن أترك الشابين و أذهب إلى مفوضية الشرطة القضائية التي تتبع مختلف مناطق نُواكشوط....

قدمت الشكاية إلى مفوضية الشرطة القضائية التي طلب رئيس قسم البحث فيها من أحد الوكلاء مرافقتي إلى محل الصوتيات...
بدأت رحلة التحقيق مع مالك المحل الذي تم إيقافه مباشرة بمباني المفوضية بتفرغ زينة للاستماع و البحث و التحري و رغم استفسارات الشرطيين المتكررة فإنه بقي مصرا على ادعائه بعدم معرفته لزوار محله ذلك اليوم..!!
طلب مني الإخوة في المفوضية ترك المهمة لهم و عدم الاستفسار عن المستجدات حول الموضوع لأن اطلاعي عليها بالنسبة لهم يساهم في إفشال البحث...
بقيت في البيت و بدأت أزاول أعمالي محاولا تناسي تلك العملية التي قررت أن أنتقم من أبطالها...!!
بعد يومين أو ثلاثة من إيقاف مالك المحل قرر أن يبوح بالحقيقة و يصرح بأن "بابيس" و "محمد بو أصبيع" بقيا معه لعدة ساعات و كانا يتابعان سيارة ركنها صاحبها أمام المحل و بدأ يستقبل بعض زملائه، و أنهما لم يخرجا إلا بعد مغادرة السيارة و بعد تحذيره شخصيا من البوح بأي سر يتعلق بهما، و أن هذا ما جعله يكتم السر لمعرفته بخطورة الشابين !!
استمر أفراد المفوضية في عملية البحث من خلال وضع فرق مراقبة ثابتة أمام مظان وجود "أبابيس" و "بو أصبيع" الذين استطاع قسم البحث في المفوضية أن يحصل على معلومات وافية عنهما و عن تاريخهما الإجرامي...!!
بعد أربعة أيام تقريبا تمكنت الفرقة من إلقاء القبض على أفراد العصابة التي اعترف أفرادها بما فعلوه و ما آذوني به و ما اقترفوه من ذنب ضد آخرين و في أماكن مختلفة من أنحاء العاصمة، و تم تحويل ملفات المجموعة إلى العدالة التي قررت إيداعهم في السجن !!
هذه هي قصة محمد الجبان التي فكرت في عدم الكتابة عنها، لكن طلباتكم المتكررة جعلتني أكتب... فماهي آراؤكم..؟؟
انتهى...

محمد سيدي عبد الله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق