ليست الشخصية لفظا غريبا على لغة الحياة اليومية لكن سبر غور هذا
المفهوم عبر الدراسات البيولوجية والاجتماعية
والسيكولوجية والسوسيولوجية و والآنتروبولوجية يضعنا أمام إشكالات تعكسها ثنائيات من قبيل الفطري والمكتسب والطبيعي والثقافي والفردي و الاجتماعي والباطني الحقيقي والقناع الظاهر وتعدد جوانب الشخصية والانتقال من الاهتمام بها كذات إلى الاهتمام بها كموضوع من الأمور التي تبعث على إثارة تساؤلات من قبيل: كيف تتحدد حقيقة الشخصية ؟ وهل الشخصية فطرية أم مكتسبة ؟ بمعنى آخر هل الشخصية معطى من المعطيات الأولية التي تمنحها الطبيعة للإنسان أم أنها ثمرة النشاط التجريبي والتدريبي الذي يتم خلال ممارسة الحياة ؟
اعتقد بعض الفلاسفة والعلماء أن الشخصية فطرية ومنهم العقلانيون كديكارت الذي يرى أن قوانين المعرفة ومبادئها قبلية حاصلة سلفا في العقل قبل الاتصال بالتجربة إذن العقل الذي هو جوهر الإنسان لا يولد صفحة بيضاء بل كتابا حافلا بالمعلومات و يرى ليبنز أن الإنسان يولد وفي نفسه استعداد فطري ينتقل من القوة إلى الفعل بالتجربة والعمل.
أما علماء الوراثة و على رأسهم " ماندل " فيرون أن الطفل يرث استعدادات عن الآباء كما أن علماء الطباع وعلى رأسهم " لوسين " يرى أن الطبع فطري و أن للإنسان نفس الطبع منذ بداية حياته حتى نهايتها , وهذا جعل العلماء يقولون أن الفطرة هي الأصل وأن الأصل ثابت و الثابت أقوى من المتغير وبالتالي فالشخصية تحددها الطبيعة نظراً لما للوراثة من أهمية رأي البيولوجيون إلى اعتبار الخصائص الوراثية ملامح حقيقية للشخصية ومعنى هذا أن الشخصية في حدود معطيات وراثية وما يثبت ذلك في اعتقادهم أن ثمة أطفالاً يولدون أذكياء في حين أن آخرين أغبياء والسبب في ذلك راجع إلى عوامل وراثية.
ولقد تقرر لدى البيولوجيين في مجال الوراثة خاصة مندل ذلك أن المزاج ينتقل من الآباء إلى الأبناء وأن الاستعدادات التي يرثها الطفل كلون الشعر والبشرة وبالتالي لا دور للفرد في تكوين شخصيته. فما من سلوك إلا ويخضع لسيطرة الجهاز العصبي والجهاز الغدي الهرموني كالغدة انخامية والغدة الدرقية والغدد الصماء يقول ول أحد الفيزيولوجيين "إننا تحت رحمة غددنا الصماء"، وهو قول يؤيد ما ثبت لدى العلماء من ضعف أو كثرة الإفرازات الغددية الداخلية تفقد الجسم توازنه مما يجعل الشخصية في حالة غير مستقرة و بالنسبة للغدة الدرقية التي قال عنها هوسكيتر " إننا ندين لغددنا الصماء بجزء غير يسير مما نحن عليه" ،إن لها تأثيرا على النمو والعمليات الحيوية فإذا زاد إفرازها نشأ عن ذلك نشاط محسوس في الجهاز العصبي وغيره من الأجهزة وقد ينشأ عنه القلق والاضطراب أما إذا نقص إفرازها نشا عن ذلك ضعف عقلي وتباطؤ في الأعمال، وتأسيسا على ما تقدم يكون الإنسان ابن الطبيعة .
ويرى السوسيولوجيون أن الشخصية مكتسبة عن طريق التربية والتعليم اللذين يتلقاهما الإنسان من المجتمع فعند دوركايم أن كل مجتمع يقوم على الأفكار الجماعية التي تفرضها البيئة الاجتماعية على الوعي الإنساني ويقول البورت : " لا يولد الطفل بشخصية كاملة التكوين ولكن يبدأ بتكوينها منذ الولادة " وهكذا يؤكد علماء التربية على دور الطرق البيداغوجية في إكساب المهارات في تكوين شخصية متفوقة وهذا جعل العلماء يقولون بأن الشخصية تكتسب بالتدرج مرورا بمراحل وهي مراحل تطور الآنا فلا شخصية للمولود الجديد ولكن الراشد له شخصية معينة ومحددة وقد قال ابن خلدون "الإنسان ليس ابن مزاجه وطبيعته بل ابن عوائده ومألوفه "
لكن هل هذا لا يعني أن الشخصية مكتسبة كلية كلا إن هذه العوامل المكتسبة قائمة على تاريخ سابق هو الفطرة .والشخصية معطى بيو- اجتماعي حسب الآنتروبولوجيين كاكلود لفي ستراوس الدين تجاوزوا الطرح لكلاسيكي لثنائية الفطري والمكتسب بجدلية العلاقة بين الطبيعة والثقافة على أساس أن بينهما تكاملا .
إن المعطيات التي يمنحها المجتمع للفرد عن طريق ما يسمى بالتأثير الاجتماعي تبقى محدودة في الواقع بالنسبة للمعطيات التي تمنحها الطبيعة والوراثة فالمجتمع ليس بإمكانه أن يصنع بالفرد ما يشاء، بل كل تشكل للفرد يخضع لنوع الوراثة التي يمر بها هذا الفرد منذ الولادة وبذلك يكون للوراثة دور كبير في تحديد شخصية الفرد كما يكون للمجتمع دور أيضا في تحديد الشخصية التي يرغب فيها.
إن العوامل الفطرية أو ما يعرف بالطبع لا تكفي وحدها في تكوين الشخصية , كما أن العوامل المكتسبة أو ما يعرف بالتطبع لا تكفي هي الأخرى وحدها في إعطاء الفرد شخصيته الكاملة , فالشخصية محصلة تفاعل المعطيات الفطرية والاجتماعية معا فهل للإنسان بعد ذلك دور في اختيار شخصيته ؟
أستاذ الفلسفة سيدي محمد حماتي
والسيكولوجية والسوسيولوجية و والآنتروبولوجية يضعنا أمام إشكالات تعكسها ثنائيات من قبيل الفطري والمكتسب والطبيعي والثقافي والفردي و الاجتماعي والباطني الحقيقي والقناع الظاهر وتعدد جوانب الشخصية والانتقال من الاهتمام بها كذات إلى الاهتمام بها كموضوع من الأمور التي تبعث على إثارة تساؤلات من قبيل: كيف تتحدد حقيقة الشخصية ؟ وهل الشخصية فطرية أم مكتسبة ؟ بمعنى آخر هل الشخصية معطى من المعطيات الأولية التي تمنحها الطبيعة للإنسان أم أنها ثمرة النشاط التجريبي والتدريبي الذي يتم خلال ممارسة الحياة ؟
اعتقد بعض الفلاسفة والعلماء أن الشخصية فطرية ومنهم العقلانيون كديكارت الذي يرى أن قوانين المعرفة ومبادئها قبلية حاصلة سلفا في العقل قبل الاتصال بالتجربة إذن العقل الذي هو جوهر الإنسان لا يولد صفحة بيضاء بل كتابا حافلا بالمعلومات و يرى ليبنز أن الإنسان يولد وفي نفسه استعداد فطري ينتقل من القوة إلى الفعل بالتجربة والعمل.
أما علماء الوراثة و على رأسهم " ماندل " فيرون أن الطفل يرث استعدادات عن الآباء كما أن علماء الطباع وعلى رأسهم " لوسين " يرى أن الطبع فطري و أن للإنسان نفس الطبع منذ بداية حياته حتى نهايتها , وهذا جعل العلماء يقولون أن الفطرة هي الأصل وأن الأصل ثابت و الثابت أقوى من المتغير وبالتالي فالشخصية تحددها الطبيعة نظراً لما للوراثة من أهمية رأي البيولوجيون إلى اعتبار الخصائص الوراثية ملامح حقيقية للشخصية ومعنى هذا أن الشخصية في حدود معطيات وراثية وما يثبت ذلك في اعتقادهم أن ثمة أطفالاً يولدون أذكياء في حين أن آخرين أغبياء والسبب في ذلك راجع إلى عوامل وراثية.
ولقد تقرر لدى البيولوجيين في مجال الوراثة خاصة مندل ذلك أن المزاج ينتقل من الآباء إلى الأبناء وأن الاستعدادات التي يرثها الطفل كلون الشعر والبشرة وبالتالي لا دور للفرد في تكوين شخصيته. فما من سلوك إلا ويخضع لسيطرة الجهاز العصبي والجهاز الغدي الهرموني كالغدة انخامية والغدة الدرقية والغدد الصماء يقول ول أحد الفيزيولوجيين "إننا تحت رحمة غددنا الصماء"، وهو قول يؤيد ما ثبت لدى العلماء من ضعف أو كثرة الإفرازات الغددية الداخلية تفقد الجسم توازنه مما يجعل الشخصية في حالة غير مستقرة و بالنسبة للغدة الدرقية التي قال عنها هوسكيتر " إننا ندين لغددنا الصماء بجزء غير يسير مما نحن عليه" ،إن لها تأثيرا على النمو والعمليات الحيوية فإذا زاد إفرازها نشأ عن ذلك نشاط محسوس في الجهاز العصبي وغيره من الأجهزة وقد ينشأ عنه القلق والاضطراب أما إذا نقص إفرازها نشا عن ذلك ضعف عقلي وتباطؤ في الأعمال، وتأسيسا على ما تقدم يكون الإنسان ابن الطبيعة .
ويرى السوسيولوجيون أن الشخصية مكتسبة عن طريق التربية والتعليم اللذين يتلقاهما الإنسان من المجتمع فعند دوركايم أن كل مجتمع يقوم على الأفكار الجماعية التي تفرضها البيئة الاجتماعية على الوعي الإنساني ويقول البورت : " لا يولد الطفل بشخصية كاملة التكوين ولكن يبدأ بتكوينها منذ الولادة " وهكذا يؤكد علماء التربية على دور الطرق البيداغوجية في إكساب المهارات في تكوين شخصية متفوقة وهذا جعل العلماء يقولون بأن الشخصية تكتسب بالتدرج مرورا بمراحل وهي مراحل تطور الآنا فلا شخصية للمولود الجديد ولكن الراشد له شخصية معينة ومحددة وقد قال ابن خلدون "الإنسان ليس ابن مزاجه وطبيعته بل ابن عوائده ومألوفه "
لكن هل هذا لا يعني أن الشخصية مكتسبة كلية كلا إن هذه العوامل المكتسبة قائمة على تاريخ سابق هو الفطرة .والشخصية معطى بيو- اجتماعي حسب الآنتروبولوجيين كاكلود لفي ستراوس الدين تجاوزوا الطرح لكلاسيكي لثنائية الفطري والمكتسب بجدلية العلاقة بين الطبيعة والثقافة على أساس أن بينهما تكاملا .
إن المعطيات التي يمنحها المجتمع للفرد عن طريق ما يسمى بالتأثير الاجتماعي تبقى محدودة في الواقع بالنسبة للمعطيات التي تمنحها الطبيعة والوراثة فالمجتمع ليس بإمكانه أن يصنع بالفرد ما يشاء، بل كل تشكل للفرد يخضع لنوع الوراثة التي يمر بها هذا الفرد منذ الولادة وبذلك يكون للوراثة دور كبير في تحديد شخصية الفرد كما يكون للمجتمع دور أيضا في تحديد الشخصية التي يرغب فيها.
إن العوامل الفطرية أو ما يعرف بالطبع لا تكفي وحدها في تكوين الشخصية , كما أن العوامل المكتسبة أو ما يعرف بالتطبع لا تكفي هي الأخرى وحدها في إعطاء الفرد شخصيته الكاملة , فالشخصية محصلة تفاعل المعطيات الفطرية والاجتماعية معا فهل للإنسان بعد ذلك دور في اختيار شخصيته ؟
أستاذ الفلسفة سيدي محمد حماتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق