الثلاثاء، 17 يوليو 2018

مهلا رويدا.. إنه لمرابط الحاج رحمه الله تعالى


أجل.. كل نفس ذائقة الموت..

أجل .. كل من عليها فان...
تلك مشيئة الله تعالى ولا راد لذلك ..إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
صعب هو تقبل صوت النعي حينما يزاحم سكون الحي بصوته الحزين بأن علما سامقا وجبلا أشم في منطقة جبلية سيوارى الثرى وسيودعه الأحبة والأهلون.
نعى النّعاة كليبًا لي فقلت لهم‏:
‏ مالت بنا الأرض أو زالت رواسيها
ليس لكل من سمع ذلك إلا أن يستعيد مع أبي الطيب في حلم منقشع
طوى الجزيرة حتى جاءني نبأ.. فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
حتى إذا لم يجد لي صدقه أملا.. شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي

صعب أن ينهض الحي والأحبة والطلاب ليحثو الثرى على جسد كان ملء السمع والبصر ..
جسد أتعبه صاحبه..
وإذا كانت النفوس كبــاراً.. تعبت في مرادهــا الأجسام
مهلا رويدا ...
إنه ياقوم لمرابط الحاج..
لكأني بالدموع تسابق الجسد الطيب إلى اللحد. ففي كل حصاة بقية دمعة سترافقها في الحفرة. .وكأني بالنفوس ترنو وكأنها تريد أن تأوي إليه .. لاتريد الفراق والبين..
يقولون لا تبعد وهم يدفـنـونـنـي ** وأين مكان الـبـعـد إلا مكانـيا
لكن لكل أجل كتاب.
......
لمرابط الذي طالما حلق حوله الطلاب ينهلون من علمه الغزير دون كلل ولا ملل ..لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا..لا يرفع عقيرته بحثا عن مغنم هنا أو هناك .لايسعده غير الكتب والألواح..فهي أنيسه وجليسه
لمرابط الذي إن آوى الناس إلى الفرش وغطوا في سبات عميق شق صوته الشجي بالقرءان الكريم في قر تلك الصحارى سكون الليل وهدأة السحر وزاوج بين التلاوة والقيام والتدريس .. ليتقي يوما عبوسا قمطريرا
إنه لمرابط الذي لم يستغل علمه يوما واحدا لتحصيل حبة خردل من هذه الفانية فقد طلقها ثلاثا ولم يدخل خصاما أو نزاعا .. معاذ الله.. لمرابط ليس من أولئك ..
إن لله عبادا فطنا.. تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا.. أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا .. صالح الأعمال وطنا
...
لمرابط الذي كان آية من آيات الله في تلك الصحراء .. اختار التواري خلف الجبال بعيدا عن صخب المدن وضجيجها .. بعيدا عن القيل والقال.. بعيدا عن ثرثرة لاتقدم ولا تؤخر.. فقط ليستعد ليوم كان مقداره خمسين ألف سنة
لمرابط قرر أن يهجر زينة الحياة الدنيا وهو في كامل قواه البدنية والعقلية .. فقد آمن أنها متاع الغرور فأسس حيه الخاص في تلك الزاوية النائية على تقوى من الله ورضوان ..وكأنه يساجل الدنيا كل يوم "غري بذلك غيري.. فلم يخلق الحاج "لقصعة من ثريد"
كان نموذجا يمشي على تلك الصحراء في هذا الزمن وهو يحيل بمفردات حياته اليومية لجيل الزهاد والعباد الذين يخيل للبعض أنهم استحالوا قصصا في العابرين
ولئن شاركه البعض في العلم فقد تفوق عليهم بالعمل والزهد فما وهن لقساوة الطبيعة وما استكان لقيظ ألفه صائما مقيما للصلوات ومعلما لدين الله تعالى ابتغاء وجه ربه الأعلى ولا شدة قر جابهها بالقيام وقراءة القرءان حيث طابت لغيره حينها المضاجع ..
لو أراد لمرابط الحاج رحمه الله تعالى أن يعيش في رغد عيش وفي دعة ناعمة لأمكنه ذلك وكيف لا.وقد ألقى الله في قلوب العباد من حبه ما يشهد به الجميع فلئن حجبته جبال اظهر عن أعين الناظرين فلم تستطع سلاسلها ووعورتها أن تحجب أو تغطي سمعته الطبية وعلى مآثره التي يفقهها الغريب قبل القريب ..لكن الحاج حدد الوجهة سلفا واختار نوع الزاد والراحلة
حين ملأه الشوق للبلاد المقدسة قصدها راجلا في وقت يعز فيه الرفيق وطريق يشح فيه الزاد إلا من زاده الذي رافقه طيلة حياته التقوى .. وكأنه يترنم مع ولد محمدي رحمه الله تعالى
وجرد من عزيمك ما يوازي.. مترات المهندة الرقاق
ونكب عن مقال أخي الهوينا.. وعنها فهي خاسرة الصفاق
ذلكم هو الحاج الذي تهيلون عليه التراب..
ذلكم هو لمرابط الذي تودعونه الوداع الأخير
ذلكم هو بقية السلف الصالح
فليس أمامكم ولا أمامنا ولا أمام الأمة الإسلامية إلا القول
إنا لله وإنا إليه راجعون
أحمد أبو المعالي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق