الخميس، 6 أبريل 2017

الدرجة لا تهان


 تتناقل الأخبار أن طلابا موريتانيين في عمر الزهور يتساقطون مغمى عليهم أمام سفارتنا في الجزائر وقد أعياهم الجوع والهزال، بعد أسبوع كامل من الإضراب عن الطعام، وحتى وإن سلمنا أن ثقافة الإضراب عن الطعام دخيلة على مجتمعنا الذي يحتفي بالجوع أكثر من الشبع وهو من صلبته الصحراء وعجنت شمسها طينته لتصبح صلبة صبورة، فإن هذه المسألة تحديدا تحتاج الوقوف عندها بتمعن بنظرة الأم المشفقة على أبنائها من الضياع دون أن تحاسبهم لتعرف أيهم المخطيء.

في إضراب الطلاب في الخارج نفح سياسي لاتخطؤه العين حيث ثمة جهات داخل البلاد تعمل عدو استغلاله، لكنه مع ذلك يبقى حقا مشروعا وأسلوبا حضاريا للتعبير عن الرفض.
دون الدخول في مشروعية المطالَب التي يرفعها الطلاب من عدمه فإن من تكالبت عليه الغربة وضيق ذات يد اليد حري به أن يظفر بقليل من الرحمة لدى أمه الحنون التي لن تغفر لنفسها إن أصاب أحد هؤلاء الطلاب المضربين مكروه لاسمح الله، حري بوزارة التعليم العالي أن تعمل سريعا على حل مشكال الطلاب حسب الأولوية وعلى جناح السرعة وأن تكون أوسع أفقا في التعاطي مع هذه المطالَب حتى وإن بدت للوهلة الأولى تعجيزية، لأن هذه الجمهورية لن تقبل بأي حال أن يسقط أبنائها اليافعين في بلاد الغربة بسلاح الجوع والإهمال ولن ترضى الذل والهوان لطلابها طريحي الفراش النائمون في العراء الذين حسبهم جيران السفارة في الجزائر متسولين وأرادو التصدق عليهم.
أيها السادة والسيدات الذين يعنيهم هذا الملف من قريب أو بعيد، تحركوا بالله عليكم قبل فوات الأوان لأن الخسران في التثاقل والإتكال على الوقت والتسويف والمماطلة في انتشال طلابنا اليافعين من فاقتهم وصرف منحهم ومنح من يستحق منهم المنحة ومسح الحصى عن جنوبهم وتقبيل جباههم كما تفعل الأم الحنون لأولادها.
لايشفع لهؤلاء الطلاب فقط فاقتهم وتغربهم إنما أيضا لأنهم طلاب علم ستحتاج هذه البلاد لسواعدهم وأفكارهم ولن تربح شيئا من إهانتهم لأن سمعتها في رفعتهم وعنفوانها وقوتها في عزتهم، ولأن الدرجة لاتهان على الجمهورية أن تداوي جراح أبنائها دون النظر إلا زلاتهم فالرفق أولى من العقاب.
حنان محمد سيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق